رجع: اللهم أجعل ذكرك عذبًا على عذبة لسانى، ومخلدًا طول حياتي في خلدى، ونفسًا عند الكربة لنفسى، ومنبطًا للحكمة في قليب قلبى، وأسالك عصمةً من الذنوبن فإن لم أكن أهلًا للعصمة فلتكن جرائمي معك لا مع عبادك فإنك الحليم الكريم، وإنا معشر الإنس فينا سوء ظفرٍ وقلة إحتمالٍ. وأجعل رب طاعتك سيفى على العدو وسناني، وزادي في السفر وراحلتى، وأنسى في الوحدة ولذتي، وأعوذ بك منشيء الخلق من أذنٍ كأذن طوى الزجاج الذي ماؤه حبر ورشاؤه يراع، له أربع آذان يجذب بها فيتبع، وهو مع ذلك لا يسمع، ومن فمٍ كالوجار ما طرح فيه لهمه، ومن يدٍ كيد الصبى، تبهش إلى كل شىٍ، وليكن ليلى فيك ليل أنقد ونهارى لك نهار الطير الغراث. غايةً.
تفسير: عذبة اللسان: طرفة. والخلد: النفس. وتبهش: تمتد إلى كل شئ. وأنقد: هو القنفذ، ويقال ابن أنقد، وبات بليلة انقد: إذا لم ينم.
رجع: ما أحسنت فأطلب الجزاءن لكن أسأت فمرادي الغفران. ومن لي بالوقفة بين المنزلتين: لا أكرم ولا أهان. وإشتمل علم ربك على ما خفى وعلن، وإستغنى عن كل عبادةٍ ونسكٍ، وأفتقر إلى ذلك خلقه الصعفاء، وأقر به السكون والحركات، وأطلع بقدرته على هواجس الأخلاد، وبلغته الأمسرار من غير آثٍ. غاية.
إتق الله ولا تاو للضب من حفر الكلدة فإن الله به عليم، وأحفظ الكلم فإن شوك العاضه أخشن مسا من شوك العضاه، ولا تقتد بخارط القتاد، ويعجبك قول القوم: أحسن وأصاب؛ وأمر نفسك فإذا أطاعتك فازجر الأقوام، وإن عصتك الغريزة فعليك الصمات إن كان كلامك لا ينتفع به سواك. فإن ظننت المنفعة لغيرك فلا بأس بعظتك وأنت مصر على الأثام. وإذا حاضرت بالنفاق فمجالسة السمر خير لك من سمار الحداث. غاية.
تفسير: الكلدة: الأرض الغليظة. والعاضه المغتاب؛ وكل قائلٍ شرًا من نميمةٍ وغيرها فهو عاضه. والسمار: جمع سامرٍ وهو يقع على الواحد والجمع. والحداث: جمع لم ينطق بواحده.
رجع: يقدر الله على المستحيلات: رد الفائت، وجمع الجسمين في مكانٍ، ومالا تحتمله الألباب إذ كان لا نيسب إلى عجزٍ ولا انتقاص.
فإذا مررت بعود بالٍ فأعلم أن الله يستطيع أن يكسوه أخضر كخضرة الحسام، حتى يورق ورقًا كعدد الرمال، ويقف على كل ورقةٍ ورقاء تعبد بألحانٍ معبدياتٍ، يغرض الغريض والأسماع إليها غرضات. وإذا شاء الله جعل شجر الطلح ركائب لركبان الأطلاح، وخزائمها خزامى الدماث. غاية.
غشيت رحمة الله كل الحيوان، وتكفل بالرزق لكل المتغذيات، وعلم ما كان وما يكون بغير إكتسابٍ، وأرسل المحن أجورًا للمتعبدين. فاغش المكاره في الله ولا تخش الأقوام؛ فقد غشيها في غيره الزويران: علقمة يوم المضيق، وحضير يوم بعاث. غاية.
تفسير: الزوير: بعير أو نحوه كانوا يعقرونه في الجاهلية في حومة الحرب ويقولن: لا ننهزم حتى ينهزم هذا. وربما جاءوا بصنمٍ فرضعوه وقاتلوا حوله، وهذا هو الأصل؛ قال الشاعر.
جاءوا بزويهم وجئنا بالأصم ... شيخٍ لنا معاودٍ ضرب البهم
والزوران ها هنا: صنمان، ويسمى سيد القوم زورًا من هذا وزويرًا. فأما علقمة بن الحارث من كندة فإنه قال لهم يوم المضيق: أنا زوير كم وقاتل حتى قتل. وحضيرٍ هو أبو أشيد بن حضيرٍ صاحب رسول الله صلى الله عليه وعو صاحب واقمٍ: أطمٍ بالمدينة؛ وله يقول خفاف.
لو أن المنايا حدن عن ذي مهابةٍ ... لهبن حضيرًا حين أغلق واقمًا
وكان ثبت في يوم بعاثٍ وركز حربته في عير قدمه وقال: أنا زوير كم، فقتل.
رجع: الدنيا زائلة زوال الظلال؛ فأطعم سائلك لحم الجزور، وطعامك هبيد النعام، وأكرم ضيفك والقوم يتكفون بالغثاث. غاية.
تفسير: يتكنفون بالغثاث: تقول العرب: تركنا بنى فلانٍ يتكفون بالغثاث أي قد ماتت أموالهم حولهم. والغثاث: الهزلى.
1 / 52