يا قلب لعل أسودك زنجى من ولد حام، وحبتك حبة بر، وأذنيك أذنا قلب خداش، الذي يقال فيه: ليس لقلب خداشٍ أذنان، أموجودتان هما كأذنى الزبابة لا تسمعان الأصوات، أم فقيدتان كأذنى الرعلة فهي تعذر على أنها صماء، أتكون حماطتك أفانيةً في بعض الزمان. وعمرى لقد سكنها من الغش الثعبان. ألا تبنش لأول من فعل معك الجميل، ألا تجزع لتقوض الأقربين! يا شمال ألم يحزنك شلل اليمين، أقمت وتحمل الناس، وإن لحاقى بالظاعن لوشيك، لا يضر البنانة ذهاب الفتخة، وذهاب الظفر بها مضر. عند الله أحتسب ما رزئت من أهل، ولقيت من همٍ كاد الغربيب له يشبب، وتعبٍ رسخ ألمه في الأعضاء. غاية.
تفسير: خداش: من كلب. الزبابة: فارة تخلق صماء: ويقال في المثل: ألص من زبابةٍ، وأسرق من زبابةٍ. قال الحارث ابن حلزة:
ولقد رأيت معاشرًا ... قد جمعوا مالًا وولدًا
وهم زباب حائر ... لا تسمع الآذان رعدًا
الرعلة: النعامة. الحماطة: حبة القلب. والأفانية: نبت. يقال لها إذا يبست الحماطة، وهي موصوفة بأن الثعبان يألفها. ومن ذلك قول حميد بن ثور:
فلما أتته أنشبت في خشاشه ... زمامًا كثعبان الحماطة أزنما
رجع: القدر أعسر، والحمام يسر، ليس في سهامه وغد ولا سفيح لو ترك القطا لنام، والأقمر لما هام، والعرفج لما اضطرم أشد اضطرام، وفي خوف الله الشرف والنور، وإنما يعاتب الأديم ذو البشرة، فاصدق الكذوب وفيها البقية، قبل أن يحلم الأديم ويهى السقاء فلا يمكنك فيه التكتيب، والعجل قبل الفوت، فما يسر الغريق حمله على الرمث، ولا من سيت بسببٍ، إنحاءً بالشفرة على ذلك السبب، حتى يوجد كهدب الأشفار، وهل نفع كعبًا وقد فاظ قدوم صحبه على البثير الفياض، أدرك نفسك ولو بأحد المغروين، وتمسك من الدوحة ولو بأضعف الأغصان، وتزود بما كان ولو بالصغيرة من الجراد، فإن النفس تبهش في بعض الأحيان إلى مثل العنجدة من الزاد، لا تغرنك قوة الجسد وسواد الشعر، واقتبال الأمل، فإنما أنت بشفى، تلتقط سلاءً وسفى، تمسى أو تصبح منصرفًا من دار الرحلة إلى دار المقام، فالغياث من اليفن أسرف شابًا وركب المعصية مكتهلا، وأصر عليها أشمط وغشيها مسنًا، فلما كربت مسحاة الحافر له تصل، وشفن إلى ماله الورثة ونسج كفنه الناسجون وهمت الأرض أن تلتهمه، ذكر والخالق ذكره، فاجتهد في أعمال الصلاح فكان كالخرقاء المضيعة، عثرت على الغزل بأخرةٍ، فلم تدع بنجدٍ قردةً، وكالورهاء الراعية حبست الماشية بالغداة والظهيرة، فلما حان وجوب الجونة ضربت الضأن على امتلاء الأقراب، وأستعذ بالله من الأحبل، بعد شجر يفرع رءوس الإبل، ومن الخبر، بعد النخل المؤبر، فمن شر ما منى به العبد محارة في حور، ولا يعجبنك البدن، فهزل، من غير أزل، خير من فخامة، تشهد عليها بالوخامة، كم من بدن بطين، كالفدن المطين، يبيت الليل كموكر السحابل ويظل النهار كالجون الأنق، لاذكر عنده ولا فكر، شغله عن ذكر الله صبوح أو غبوق، كأن قلبه جلمود بصرٍ أو زبرة حديد، فأترك للخالق هواك، وامتهن نفسك له امتهان العسفاء. غاية.
تفسير: الوغد والسفيح: سهمان لاحظ لهما. والوغد من الرجال الضعيف. الرمث: خشب يضم بعضه إلى بعض وير كب عليه في البحر.
1 / 5