الجزء الأول
مقدمة الناشر
يعتبر علي بن أحمد بن عبد الله المكي المالكي، المشهور بابن الصباغ (784- 855) من أكابر علماء المسلمين، وأبرز أعلام المذهب المالكي في النصف الأول من القرن التاسع للهجرة. وكان جامعا لعلوم وفنون شتى خاصة:
علوم اللغة العربية، وأصول الفقه، وعلوم القرآن، والحديث، والتاريخ.
كان رحمه الله يتميز بقدرة فائقة في التأليف والتدوين، وقد خلف آثارا ومؤلفات قيمة خاصة في ميداني التاريخ والحديث، وبقيت كتبه ولا زالت حتى الآن معينا ينهل منه العلماء والمحدثون.
كان متمسكا بأهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله، وكان كيانه طافى بنور محبة أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة المعصومين عليهم السلام. وقد أفرد بعضا من مؤلفاته لذكر مناقبهم وفضائلهم وسيرتهم. نشير إلى جملة منها:
1. الفصول المهمة في معرفة الأئمة عليهم السلام، 2. تحرير النقول في مناقب أمنا حواء وفاطمة البتول عليها السلام، 3. قصائد في مدح أمير المؤمنين عليه السلام.
يحظى كتاب الفصول المهمة في معرفة الأئمة عليهم السلام بأهمية خاصة واعتبار
Bogga 7
مضاعف؛ إذ أنه يتسم بجودة المضمون ورصانة الأسلوب ودقة الضبط والتحقيق، إضافة إلى حسن التنظيم والتبويب، بحيث أصبح موضع تأييد من جميع الفرق والمذاهب الإسلامية، واتخذ كمصدر موثق في التراث الإسلامي.
جاء تأليف هذا الكتاب بناء على طلب بعض أصدقائه، وقد رتبه في اثني عشر بابا، في كل باب ثلاثة فصول، وخصص كل فصل منها لذكر مناقب وفضائل كل واحد من الأئمة الاثني عشر، مع نبذة عن سيرته وتاريخ ولادته واستشهاده. فلله دره وعليه أجره.
ونظرا إلى تسمية العام الهجري الشمسي يمر علينا باسم «عام الإمام علي عليه السلام» من قبل قائد الجمهورية الإسلامية- حفظه الله ورعاه-، يسر مركز نشر دار الحديث أن يقدم هذا السفر الخالد إلى أبناء الأمة الإسلامية، وخاصة إلى محبي وشيعة أمير المؤمنين عليه السلام. عسى الله أن يشملنا وإياهم بشفاعة أمير المؤمنين عليه السلام يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلا من أتى الله بقلب سليم .
ولا يسعنا هنا إلا أن نعرب عن فائق الشكر والتقدير للأستاذ سامي الغريري، الذي بذل جهدا لا يستهان في تنقيح هذا الكتاب والتعليق عليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مركز نشر دار الحديث
Bogga 8
مقدمة المحقق
الحمد لله الذي أضاء قلوب أوليائه بنوره فانكشف لهم به أسرار الوجود، ورشح عليهم من بحر المعارف والعلوم وسقاهم بكأس المحبة فانشرح به صدورهم، فخرجوا بما منحهم من إفاضاته من مضيق عالم الطبيعة وظلمات علائق القيود إلى عالم السعة والنور والسرور.
والصلاة والسلام على نبيه وصفيه ومستودع سره، أول الموجودات ومصباح الهداة، وعلى آله وأهل بيته معادن الإحسان والجود، ولا سيما ابن عمه ووصيه أمير المؤمنين عليه السلام، الذي جعله الله تعالى بمنزلة نفس النبي صلى الله عليه وآله، صلاة دائمة باقية ما ظهرت أسرار الوجود عن خبايا العدم، متلاحقة متتالية لا تكتمل بالعمم.
أما بعد، فإن أحق الفضائل وأولاها وأزهر العقائل وأسناها هو العلم الذي يتضاءل عنده رأس كل عز وفخر، ويتطأطأ عند عظمته تليع عنق الدهر، ويضمحل في حذائه كل نور وينكسف، وينمحي في إزائه كل ضياء وينخسف، فلا مجد إلا وهو ذروته وسنامه، ولا شرف إلا وهو يمينه وحسامه، ولا المسك الأذفر والعنبر الأشهب بأطيب منه وأذكى، بيد أن له أفانين وفنون، وعساليج (1) وغصون، وإن من
Bogga 9
أجل العلوم شأنا وأعلاها مكانا وأرجحها ميزانا وأكملها تبيانا علم الحديث.
فله من بينها الرتبة الأعلى، والمنزلة القصوى، وكفى له علوا وامتيازا، وسموا واعتزازا، أنه يرى منازل كانت مهبط جبرئيل، ويعرف وجوها نطق في ثنائهم الكتاب الجميل، ويوصل إلى مربع محفوف بالتقديس والتهليل، وينظم في عقد منظوم من جواهر معادن الوحي والتنزيل، ويشد بحبل ممدود يصل إلى الله الجليل.
ولما كان كمال الإيمان بمعرفة أئمة الأزمان بمنطوق شريف القرآن وجب صرف الهمة في كل أوان، لوجوب الاستمرار على الإيمان في كل آن.
ولهذا اهتم بشأنه العلماء، وأتعبوا أبدانهم، وأسهروا أجفانهم، وتجرعوا لنيله غصص النوى، وباتوا وفي أحشائهم تتقد نار الجوى، وخاضوا لأجله لجج الدماء، وجزعوا المنفق البيداء، حتى فازوا بالمراد، وأصبحوا زعماء البلاد، ومناهج الرشاد، وهداة العباد.
وقد صنف علماؤنا رضوان الله عليهم في ذلك كتبا مقررة، وألف فضلاؤنا في الرد على مخالفيهم أقوالا محررة، وأجالوا في الحقائق والدقائق خواطرهم، وأحالوا عن العلائق والعوائق نواظرهم، ونصبوا في ذلك رايات المعقول والمسموع، وأوضحوا آيات المستنبط المطبوع، غير حائدين (1) عن رواية الصدق المبين، وغير مائلين عن رعاية الحق اليقين، فيستضيء المتعرف بأنوار مصنفاتهم، ويرتدي المتحرف بأسرار بيناتهم.
وكيف لا تصرف العناية إلى قوم هم الأحبار الأشم والأبحار الخضم، أحد السببين اللذين من اعتلق بهما فاز قداحه، وثاني الثقلين اللذين من تعلق بهما اسفر من جميل السرى (2) صباحه، ولا يتهم نجاة في الاولى والعقبى، ومودتهم واجبة قل
Bogga 10
لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (1)، فما من شرف تمتد إليه الأبصار، ولا من طرف يرتفع لديه اقتباس الأقدار ولا باب تعظم فيه الأخطار ولا لباب تقحم به الآثار إلا وقد جازته قادات الأطهار وحازته سادات الأبرار، مع سعي المعاندين في إطفاء نورهم ويأبى الله إلا أن يتم نوره (2)، وبغي الجاحدين في تطريدهم وتشتيت قبورهم، ويريد الله أن يظهر حجته ومزبوره، فهل قدم عليهم إلا من سمل (3) عين الإيمان؟ وهل تقدمهم إلا من شمل قلبه الطغيان، وقد ضاءت مدائحهم ومنائحهم في كتاب رب العالمين، وجاءت لأعدائهم قبائحهم وفضائحهم ظاهرة للناظرين.
في طوايا التاريخ على امتداده يجد الباحث والمتتبع رجالا وعباقرة غيروا مسير التاريخ بعلمهم وفنهم، واقتادوا الشعوب إلى شواطئ المجد والخلود، وجداول الحق والواقع، وأوقفوهم على المهيع القويم والصراط المستقيم.
نستوقف على نفر من الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا (4)، ويدفعون الأمة إلى قمة الإنسانية والتكامل، وفي أيديهم قبس من تلك الحرائق التي يشعلها الأنبياء أضواء هداية على الطرق، وزيتها من دمهم الذي يتوهج زيتا، لا أكرم في الزيوت ولا أضوأ في الإنارة، ويقودون الأشرعة التائهة في اليم، والقافلة الضالة الحائرة في البيداء، إلى موانئ السلامة وسواء السبيل والهداية.
يجد الباحث ببطن التاريخ صور الذين كانوا على امتداد التاريخ في الشموخ مشاعل وهاجة ، ومنارات شاهقة، حادوا قافلة الجهاد الفكري في ظروف قاسية في الإسار، وقبضة الإرهاب والبطش التي كانت تلاحق كل من همس بإيمانه،
Bogga 11
ناهيك عن الهتاف بعقيدته، وإعلانها على رءوس الأشهاد.
في ظروف حالكة وعهود قائمة والسلطة الحاكمة فيها قيد في الأيدي، وعلى الأفواه والسجون والمنافي جعلت بيوتا ومأوى للفقهاء والعلماء والشعراء، برغم هذا التعسف كله يعمل نفر منهم جاهدا لإبادة الجهل والكفر والباطل، وإزاحة الكابوس اللاعقائدي الذي يهدف بمساندة أذنابه وعملائه إغراء الشعب، ودفعه إلى أحضان الجهل والفساد، وتفريق صفوفه وتمزيق شمله، وفساد نظام مجتمعه، وفصم عرى الأخوة الإسلامية، وإثارة الأحقاد الخامدة، وحش نيران الضغائن في نفوس الشعب الإسلامي، ونفخ جمرة البغضاء والعداء المحتدم بين فرق المسلمين يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور (1).
أجل، لم تثن السجون والشهادة والتشريد وضرب السياط وإلصاق التهم عزائم قادة الدين الصحيح، ولم تردعهم عن رسالتهم الصادقة، وإنما شقوا عباب تلكم الظروف القاسية بالصبر والمثابرة والجهاد والمقاومة والبذل والمفاداة، وحملوا راية المقاومة على جلهة الفكر الكريمة، وحملوها عالية، وإن سقطت واستشهدت دونها العشرات الفطاحل، وهم بين فقيه ومجتهد، وعالم ومؤلف، وأديب وشاعر، فبلغوا وأدوا رسالتهم، وحكوا كل شيء لمن ألقى السمع وهو شهيد.
لقد استحوذ الحق، وتغلب الواقع على هؤلاء العباقرة منذ نعومة أظفارهم، وحلت الهداية الإلهية في قلوبهم، فرأوا أزهار الجهل والفساد التي كانت تنبت بكل مكان تتحول إلى أظافر وأنياب في لحومهم، وفي جسم الشريعة الإسلامية، فثاروا في سبيل الحق، ونهضوا في الذب عن الحقيقة.
والواقع أن الشعوب مدينة لهؤلاء المجاهدين المبدعين والأعلام النابهين، الذين كانوا في كل دور وعهد مصدر المعرفة الإنسانية في آفاقها التي لا تحد إن الذين
Bogga 12
قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون (1).
يمكن القول هذا بصراحة: إن ابن الصباغ المالكي يعتبر في الطليعة من المجاهدين الذين حفظوا التراث الإسلامي والسنة النبوية، وخالطت آثاره حياة الأمة، وكانت كالنقش على حجر وظلت في أعماق روحها كما يتذكر الإنسان حبه الطفلي الأول، كان اسمه وأثره دائما في قلوبنا رمزا لهذا النوع المتميز من البشر، الذين استطاعوا أن يجسدوا في كلام موجز وبحث قليل، أجمل وأنبل ما يمكن أن تجود به النفس الإنسانية من مشاعر في حب الحق والدفاع عنه والدعوة إليه.
هذا بالإضافة إلى حيوية اسلوبه وبيانه الذي لا يزال رطبا غضا، كأنه لم يكتبه منذ قرون بل كأنه كتبه في هذه الأيام والساعات، لأنه لا يزال قرعه للأسماع شديدا، ووقعه في النفوس بليغا، مع أنه مضى عليه قرون، سلفت فيها امم، وتعاقبت شعوب ودول، وتغيرت ظروف وأحوال، ولكن اسلوبه الرصين الخالد الذي استعمله لخدمة دينه وأمته وبني قومه لم يتبدل ولم يتغير، لأنه استمده من روحه وقلبه، ومن فكره وإخلاصه، وعقله المستخمر بحب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة الهداة من ولده عليهم السلام.
حقا أن نور الدين في اسلوبه وبيانه الممتنع الجزل المفيد الوجيز ليعكس في أذهاننا جميع عباراته، بيراعه الخالد الذي لا ينسى وقعه ولا يمحى أثره.
ولنعم ما قيل:
إن كنت من شيعة الهادي أبي حسن
حقا فأعدد لريب الدهر تجنافا
إن البلاء نصيب كل شيعته
فاصبر ولا تك عند الهم منصافا
وهذا المعنى مأخوذ من قول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: من أحبنا أهل البيت
Bogga 13
فليستعد عدة للبلاء (1) وفي رواية: فليستعد للفقر جلبابا (2). وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق (3)، وثبت أيضا أنه صلى الله عليه وآله قال: إن البلوى أسرع إلى المؤمن من الماء إلى الحدود (4).
ولم يكن المترجم له إنسانا مغمورا حتى يحتاج إلى التعريف والإشادة بمآثره، بل هو طود شامخ وعلم معروف، انتشرت آثاره العلمية في المكتبات الإسلامية، وعرفت مآثره الدينية في الأوساط العلمية.
إنه حي تتجدد ذكراه على مر العصور والدهور.
نعم، سيبقى حي الذكر اولئك الذين أدركوا مغزى خلقتهم للحياة لا للفناء، واتجهوا بكنه وجودهم إلى الحي القيوم، واستضاؤوا في مسيرتهم العلمية بأنوار الأنبياء، وجعلوا سيرة أولياء الحق دستورهم المتبع، هؤلاء سيبقى ذكرهم حيا خالدا، ولا يجد الفناء إليهم سبيلا.
وليس المترجم له ممن يتباهى به أهل مذهبه فقط، بل يتباهى به المسلمون كافة، لما أحسوا فيه من الشخصية المسهمة في إعلاء كلمة الله تعالى، وبذل الجهد لنشر الأسس الإسلامية المتينة، كما تشهد بذلك كتبه القيمة، فجزاه الله عن الإسلام خير جزاء المحسنين.
وبما أنه قد ترجمت شخصية المؤلف في معظم كتبه ومؤلفاته- التي رأت النور حديثا- ترجمة وافية وغزيرة وفي معظم كتب العلماء الأعلام ارتأينا أن نتناول نبذة وجيزة عن حياته الشريفة.
Bogga 14
ترجمة المؤلف
كل من ذكره من أرباب معاجم التراجم أثنى عليه ثناء جميلا، ووصفه بالفضل والفقه والحديث والأدب، وأنه من الأكابر.
فقد ترجم له تلميذه شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي في كتابه «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع» وعدد شيوخه، وأشار إلى مؤلفاته، قائلا:
علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله نور الدين الأسفاقسي الغزي الأصل المكي المالكي، ويعرف ب «ابن الصباغ». ولد في العشر الأول من ذي الحجة سنة أربع وثمانين وسبعمائة بمكة ونشأ بها، فحفظ القرآن، والرسالة في الفقه، وألفية ابن مالك، وعرضهما على: الشريف عبد الرحمن الفاسي، وعبد الوهاب بن العفيف اليافعي، والجمال بن ظهيرة، وقريبه أبي السعود، وسعد النووي، وعلي بن محمد بن أبي بكر الشيبي، ومحمد بن سليمان بن أبي بكر البكري. وأجازوا له، وأخذ الفقه عن أولهم، والنحو عن الجلال عبد الواحد المرشدي، وسمع على الزين المراغي سداسيات الرازي، وكتب الخط الحسن، وباشر الشهادة مع إسراف على نفسه، لكنه كان ساكنا، مع القول بأنه تاب.
وله مؤلفات، منها: الفصول المهمة لمعرفة الأئمة- وهما اثنا عشر-، والعبر فيمن شفه النظر، وتحرير النقول في مناقب أمنا حواء وفاطمة البتول (1) أجاز لي.
ومات في ذي القعدة سنة خمس وخمسين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة سامحه الله وإيانا (2).
وترجم له الزركلي في «الأعلام» بقوله: ابن الصباغ (784- 855 ه) (1383- 1451 م) علي بن محمد بن أحمد نور الدين ابن الصباغ، فقيه مالكي،
Bogga 15
من أهل مكة مولدا ووفاة، أصله من سفاقس، له كتب منها: الفصول المهمة لمعرفة الأئمة مطبوع، والعبر فيمن شفه النظر، قال السخاوي: أجاز لي (1).
وترجم له ابن زبارة في «نشر العرف» ترجمة مطولة، وقال فيها: هو من بيت علم شهير بصعدة، مؤلفاته تزيد على الخمسين. ثم عدد مؤلفاته، وذكر له هذا الكتاب، وكتابه «العقود اللؤلؤية واللآلئ الثمينة في فضائل العترة الأمينة» (2).
وترجم له مولانا محمد إعجاز حسن ابن مولانا محمد جعفر حسن الباكستاني المتوفى سنة (1350 ه)، صاحب المصنفات الكثيرة، إلى اللغة الاردية (3).
وترجم له إسماعيل باشا في «هدية العارفين» وعدد تصانيفه الكثيرة، وذكر منها ما ذكرناه (4).
وترجم له جشي في «مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن» وذكر له «قصائد في مدح أمير المؤمنين عليه السلام» وأن مخطوطتها في المكتبة الغربية في الجامع الكبير بصنعاء رقم (8) مجاميع (5).
ممن اشتهر بابن الصباغ:
وقد يطلق ابن الصباغ أيضا على أبي نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد، الفقيه الشافعي، المدرس بالمدرسة النظامية ببغداد، وكان ثقة حجة صالحا، توفي ببغداد سنة (477 ه) (6).
Bogga 16
وممن اشتهر بهذه الكنية أيضا علي بن عبد الحميد بن إسماعيل الزاهد العارف الكبير أبو الحسن، توفي بقنا من صعيد مصر سنة (612 ه)، ودفن برباطه، لقي المشايخ والصالحين، وانتفع به جماعة، وعنه أخذ مشايخ إقليم الصعيد قرأ القرآن على الفقيه ناشي، وسمع من الشيخ أبي عبد الله محمد بن عمر القرطبي، كذا ذكره الصفدي (1).
أما ما ذكره العلامة الخونساري في «روضاته» (2) بأن اسم ابن الصباغ- المترجم له- هو صالح بن عبد الله بن جعفر الأسدي الكوفي، ولقبه محي الدين، كما ذكره المحدث النيسابوري؛ فهو مجرد من كل دليل مقبول، وخلاف ما جاء في ترجمته في كتب الرجال المعتبرة عند الفريقين، لا سيما كتب المالكية.
وله ترجمة في «هدية العارفين» (3) لإسماعيل باشا و«معجم المؤلفين» (4) لعمر رضا كحالة، وكل من ترجم له ذكر له كتابه «الفصول المهمة».
مكانته العلمية:
لا أحسب في خلال عمر ابن الصباغ المالكي توجد لحظة أو فترة ذهبت سدى، أو راحت ولم يترك فيها أثرا فكريا أو خطوة علمية، لذلك لو عددنا أوراق تآليفه وتتبعنا صفحات مصنفاته وجدناها تربو بكثير على أيام عمره وساعاته الحافلة بالجهاد العلمي الذي ترتسم على كل افق من آفاق هذا العالم الإسلامي. فكان من الرجال المعدودين الذين امتازوا في التاريخ الإسلامي بمواهب وعبقريات دفعتهم
(4) معجم المؤلفين: 7/ 187.
Bogga 17
إلى الأوج الأعلى والقمة الشاهقة من آفاقهم، فإذا أسماؤهم ومآثرهم كالشهب الوهاجة تتلألأ في كبد السماء ما دامت الحياة.
وقليل الذين ترتسم أسماؤهم في كل افق من تلكم الآفاق، وتستنير مآثرهم مدى الحياة، إلا اولئك الأفذاذ الذين ارتفعت بهم الطبيعة، فكان لهم من نبوغهم النادر وشأنهم العظيم ما يجعلهم أفذاذا في دنيا الفكر الإسلامي كلها، ومنهم الشيخ المؤلف، فقد شاءت المنحة الإلهية والإرادة الربانية أن تبارك عمله ويراعه وبيانه، فتخرج منهم للأجيال والشعوب نتاجا فكريا من أفضل النتاج، وغذاء معنويا تتغلب به على التيارات السامة الوافدة عليها من خارج الوطن الإسلامي، وما تحيكه أذناب الجهل والعمالة داخل الوطن من انحراف مسير المسلمين واتجاهاتهم البناءة الهادفة إلى توحيد الكلمة وكلمة التوحيد.
وقد لا أكون مبالغا ولا متعصبا ولا منحازا حين اطلق العنان للقلم فيسجل: أن ابن الصباغ يتقدم بما أنتجه وكتبه وصنفه إلى الطليعة من علماء المالكية ورجالاتها الذين كرسوا حياتهم طول أعمارهم لخدمة الحق والواقع، وبهذا استحق أن يتصدر مجلس المالكية في العالم الإسلامي الحاضر، وحتى في عصوره المقبلة.
لقد منح- المترجم له- لكل لحظة من لحظات حياته حسابا خاصا، ومسئولية هامة يتساءل عنها ويحاسب عليها، فبنى حياته على قول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حيث يقول: «والفرصة تمر مر السحاب، فانتهزوا فرص الخير» (1). ومنه أخذ ابن المقفع عبد الله، فقال: انتهز الفرصة في إحراز المآثر، واغتنم الإمكان باصطناع الخير، ولا تنتظر ما يعامل فتجازى عنه مثله، فإنك إن عوملت بمكروه واشتغلت ترصد أوان المكافأة عنه قصر العمر بك عن اكتساب فائدة وافتناء منقبة، وتصرمت أيامك بين تعد عليك وانتظار للظفر بإدراك الثأر من
Bogga 18
خصمك، ولا عيشة في الحياة أكثر من ذلك (1).
كان الشيخ- المترجم له- من أكابر المحققين الأعلام وأعاظم علماء الإسلام، كشافا لمعضلات الدقائق بذهنه الثاقب، وفتاحا لمقفلات الحقائق بفهمه الثاقب، حسن التقرير والإنشاء، جيد التحرير والإملاء، جميل الأخلاق والشيم، حميد الآداب والحكم، في عليا درجة من الزهد والورع والتقوى والدين، وسميا مرتبة من مراتب الفقهاء والمجتهدين، رفيع القدر بين طبقات أهل الفضل، مرموق المكانة في عيون كبار أصحابه، محترم الجانب من قبل أعاظم سائر المذاهب الإسلامية، وينوه عنه في مجالسهم ومحافلهم بكل إجلال، ويلقب بألقاب التفخيم: كالعلامة، والإمام، والشيخ، والبحر، إلى غير ذلك من ألفاظ الإعجاب والتقدير التي تنم عن علو منزلته العلمية، كما صرحت بذلك كتب الأوائل والأواخر، وجميع هؤلاء الأفاضل الأماثل اتفقوا بأن ابن الصباغ كان من أكابر علماء السنة، وأعاظم محدثيهم الأعلام (2).
فهذه نسبته ونسبه، وفضله وحسبه، وعلمه وأدبه، فالأحسن والأحق والأولى أن اقررها لك بهذا التقرير: لم يكتحل حدقة الزمان له بمثل ولا نظير، ولما تصل أجنحة الإمكان إلى ساحة بيان فضله الغزير، كيف ولم يدانه في الفضائل سابق عليه ولا لاحق، ولم يثن إلى زماننا هذا ثناءه الفاخر الفائق، وإن كان قد ثنى ما أثنى على غيره من كل لقب جميل رائق، وعلم جليل لائق. إذن فالأولى لنا التجاوز عن مراحل نعت كماله، والاعتراف بالعجز عن التعرض لتوصيف أمثاله، ويخطر ببالي أن لا أصفه، إذ لا تسع مقدمتي هذه علومه وفضائله وتصانيفه ومحامده، وله أكثر من خمسين كتابا.
Bogga 19
شيوخه:
نشأ وترعرع في مكة المكرمة، حيث بانت على محياه طلائع الفطنة والذكاء، وصفاء الذهن والقريحة منذ نعومة أظفاره، فقد كان رحمه الله عالي الهمة، مجدا مثابرا على مواصلة الدرس والتحصيل، فأصبح مضرب المثل لعصره في إحراز فضيلتي الذكاء والجد في مواصلة الدراسة، حتى اشير إليه بالبنان من بين اولي الفضل والعلم بالتفوق والتقدم.
حفظ القرآن الكريم، والرسالة في الفقه، وألفية ابن مالك، ودرس العلوم العربية، واصول الفقه والحديث، وسداسيات الرازي، وعلم الخط، وغير ذلك من العلوم والفنون الإسلامية.
وبعد انتهائه من المقدمات التمهيدية حضر على علماء عصره، أمثال:
1- العلامة الشريف عبد الرحمن الفاسي.
2- الفاضل عبد الوهاب بن العفيف اليافعي.
3- جمال الدين بن ظهيرة، الراوي عن شمس الدين محمد بن عبد الرحمن علي بن أبي الحسن الزمردي المعروف بابن الصائغ، المتوفى مسموما سنة (776 ه).
4- العلامة أبي السعود.
5- العلامة سعد النووي.
6- العلامة علي بن محمد بن أبي بكر الشيبي.
7- العلامة محمد بن سليمان بن أبي بكر البكري.
8- العلامة الجلال عبد الواحد المرشدي.
9- العلامة الزين المراغي.
Bogga 20
وجماعة غيرهم، حتى حاز مرتبة الاجتهاد، وبشهادة علماء عصره.
لم يقف- ابن الصباغ- عند علمي الفقه والاصول كما هو متعارف عند طلبة العلوم الدينية، بل تجاوزهما بعد أن حصل على بغيته المنشودة منهما إلى بقية المجالات العلمية والأدبية من: الحكمة، والكلام، والأدب، والتاريخ، والنقد، والعقيدة، وغير ذلك من العلوم.
تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه:
لابن الصباغ المالكي تلامذة نبلاء كثيرون، فمن جملة من تشرف بخدمته وأخذ من بركات أنفاسه:
1- العلامة الرجالي والأديب الضليع شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي (1) صاحب «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع» والمجاز منه.
2- وجملة من فضلاء المالكية، وردت أسماؤهم في كتاب «نيل الابتهاج بتطريز الديباج» فمن شاء الوقوف على تفصيل تراجمهم فعليه بمراجعة الكتاب المذكور لمؤلفه سيدي أحمد بابا التنكتبي.
وكثيرون من أمثالهم، وهم بين عالم كبير، وحكيم فاضل، وفقيه، ومجتهد، ومؤلف، وأديب، وشاعر، ومحدث، ورجالي، لهم شهرة كسائر المشاهير.
آثاره العلمية:
أما مؤلفات المترجم له فنجدها رفيعة عميقة، أنيقة رقيقة، عذبة سامية، تجمع بين سمو الفكر وترف اللفظ والاسلوب، وهو ما ذكرته عنه في صدر مقدمتي هذه من كونه حريصا على المزاوجة بين علمه وفنه، وفضله وإبداعه، فإذا ما قرأت بحثا
Bogga 21
علميا بحتا مهما كان موضوعه خلت أنك تقرأ بحثا أدبيا جامعا، لقوة اسلوبه ومتانته ونصاعته، يعجبك بيانه المستجمع لكل العناصر الأدبية، مع لطف مواقعه من القلوب، وسرعة تأثيره في النفوس.
وبعد اجتياز هذه المرحلة فمؤلفاته كثيرة أيضا من حيث الكمية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ملكة خصبة أصيلة، ومناعة حية قويمة، تثبت لمترجمنا عمالقة علم، وبطولة فكر وجهابذة أدب.
والذي يبدو من كتب التاريخ والتراجم أن الشيخ نور الدين كانت له كتب معروفة في الأوساط، مشتهرة عند العلماء، منتشرة بين الناس، فتراهم يعرفونه بها لاشتهارها وتداولها.
ولا نغالي بشيء إذا قلنا بأن للعديد من علماء الإسلام باعا كبيرا ويدا طولى في البحث والتأليف والتجديد والإبداع، متخطين الحدود التقليدية التي بقي البعض يدور في خللها ويقتات من فتاتها، فيبتدئ وينتهي حيث ما ابتدأ منه.
وإذا حفظت لنا صفحات التاريخ أسماء العديد من اولئك الأعلام البارعين والعباقرة المبدعين فإن من حق ذلك التاريخ أن يزين صفحاته تلك بذكر سيرة ومؤلفات عالم فذ شهد القرن التاسع إبداعاته ونتاجاته المتعددة المشارب والأشكال.
نعم، لقد أبدع يراع العلامة ابن الصباغ رحمه الله في إغناء المكتبة الإسلامية بالجم الكثير من المؤلفات القيمة والبحوث الرائعة في شتى العلوم والمعارف الإسلامية المختلفة، بشكل قل نظيره وتضاءل مثاله.
وسأحاول من خلال هذه الأسطر استعراض ما أمكنني حصره من مؤلفاته تلك، بأبوابها وعلومها المختلفة، المطبوعة منها والمخطوطة، دون اسهاب أو تفصيل.
1- الفصول المهمة في معرفة الأئمة: وهو هذا الكتاب الذي بين يديك أيها
Bogga 22
القارئ الكريم، وهو كتاب جليل قيم يحتوي على (304) صفحة من القطع الوزيري، ويشتمل على غرر مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأولاده المعصومين عليهم السلام، بأسانيد جياد، أكثر رواته من الصحابة وأعلام المحدثين، وكان كتابا مشهورا متداولا يقرأ على الملأ في مكة المكرمة، ويزدحم الناس لسماعه، وثقه الأجلاء من علماء المذاهب الإسلامية، وأطروه، فهو ثقة، ثبت، صحيح النقل، غير منسوب إلى هوى ولا أدغال، وهو من رجال أصحاب الحديث.
2- العبر فيمن شفه النظر: الذي لم يصنف مثله في بابه، وكفى به شاهدا غزارة علمه وتضلعه في علوم الشريعة أجمع، واعتمده أهل الفضل والعلم، وعدوه من الفرائد، وكيف لا يكون كذلك ومؤلفه من فرسان الحديث؟! فهما يقظا متقنا، كثير الحديث جدا، ومن نظر في مؤلفاته عرف محله من الحفظ .
3- تحرير النقول في مناقب أمنا حواء وفاطمة البتول: وهو أكبر من أن تدل عليه وعلى فضله وعلمه وسيره، وأشهر بالكثرة والثقة من أن يوصف حديثه.
توجد نسخته في دار الكتب الوطنية في باريس تحت رقم (1927).
ولم نوفق للاطلاع على الثاني والثالث منها دونك بقية كتبه التي جاوزت الخمسين.
4- قصائد في مدح أمير المؤمنين عليه السلام: على الرغم من مناعة المؤلف رحمه الله في البيان وحيويته في البحث والتتبع وإحاطته الكاملة بالسنة النبوية ومعاجم السير والحديث والتاريخ والرجال فقد كان في بعض الأحايين يخوض عباب الشعر، ويتغلب على أمواجه، وكأنه ابن الشعر ونسيجه وصنيعه، ولا عجب لأن في طبع الإنسان- كما قيل- نزوعا إلى الترنم محاكاة للطيور في أوكارها، فهو إن قطع مسافة أو جهد في عمل نزع إلى التشاغل من متاعب جسده بشغل فمه، والترنم يستدعي كلاما تسبح به العواطف، وتستلذه الاذن، فوجد الشعر بهذه الدواعي.
وتوجد مخطوطتها في المكتبة الغربية في الجامع الكبير بصنعاء تحت رقم (8) مجاميع.
Bogga 23
شهرة الكتاب:
تظهر أهمية الكتاب ومنزلته الرفيعة إذا علمنا أن أعلام الفريقين الباحثين في مناقب وفضائل أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام قد اعتمدوه وأوردوا مقاطع كبيرة ومهمة منه، تارة بالنص، واخرى بإيجاز واختصار، فاهتمام هؤلاء الأعلام بإيراد مقاطع مهمة أو اقتباسهم منه في مصنفاتهم دليل على إخباتهم بتقدم العلامة ابن الصباغ المالكي، وسبقه في هذا الميدان.
وفيما يلي ثبت بأسماء الرواة الثقات الذين اعتمدوا هذا الكتاب في مؤلفاتهم باعتباره من أهم المصادر العلمية:
1- الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي تلميذ المؤلف، صاحب كتاب «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع».
2- سيدي أحمد بابا التنكتبي، صاحب كتاب «نيل الابتهاج بتطريز الديباج».
3- الشيخ العلامة علي بن عبد الله السمهودي الشافعي، صاحب كتاب «جواهر العقدين».
4- الشيخ الفاضل العلامة عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري الشافعي، صاحب كتاب «نزهة المجالس ومنتخب النفائس».
5- الملا كاتب چلبي، صاحب كتاب «كشف الظنون».
6- الشيخ الفاضل العلامة محمد بن علي الصبان، صاحب كتاب «إسعاف الراغبين».
7- الشيخ الكامل الفهامة نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي الشافعي، صاحب كتاب «إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون».
8- الشيخ الفاضل العلامة أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي، صاحب كتاب «ذخيرة المآل».
Bogga 24
9- العلامة الجليل السيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي الشافعي، صاحب كتاب «نور الأبصار».
10- العلامة الشيخ نجم الدين عمر بن فهد المكي، صاحب كتاب «اتحاد الورى بأخبار أم القرى».
11- العالم الجليل الشيخ عبد الله بن محمد المطيري، صاحب كتاب «الرياض الزاهرة في فضائل آل بيت النبي وعترته الطاهرة».
12- العلامة المفضال الشيخاني القادري، صاحب كتاب «الصراط السوي في مناقب آل النبي».
13- العلامة الفاضل إكرام الدين بن نظام الدين محب الحق الدهلوي، صاحب كتاب «سعادة الكونين في بيان فضائل الحسنين».
14- العلامة الفاضل الشيخ حسن العدوي الخمراوي وقيل الحمزاوي، صاحب كتاب «مشارق الأنوار».
15- العالم المتبحر الشيخ محمد محبوب، صاحب كتاب «تفسير شاهي».
16- العلامة المحقق والفاضل المتكلم السيد محمد سعيد، حفيد صاحب عبقات الأنوار، مؤلف كتاب «الإمام الثاني عشر» وكتاب «معراج البلاغة» وكتاب «مدينة العلم» (1).
مصادر الكتاب:
حين نتصفح هذا السفر القيم نجده في طليعة الكتب التي أسبغ الله سبحانه مؤلفه
Bogga 25
نعمة ظاهرة وباطنة، فقد اعتمد في تأليفه على أعلام الفريقين ممن تركوا مآثرا وأيادي موفقة وناجحة في التراث الفكري الإسلامي، وخدموه من كل الجوانب، وجاهدوا في خلوده وحيويته وحفظه، ولذلك نجد المؤرخين وأحباء التحقيق يتلقون مؤلفات هؤلاء الأعلام بالتعظيم والتجليل، ويذكرون أصحابها بالتكريم والثناء البالغ، ويطول بنا المقام لو بسطنا الحديث عن هؤلاء المشاهير، ولذلك نقتصر على ذكر أسمائهم مع بيان موجز عن مكانتهم العلمية، وفي الأخير مصادر حياتهم، لنتعرف من خلال ذلك على أهمية الكتاب.
1- النعماني: هو محمد بن إبراهيم بن جعفر أبو عبد الله الكاتب النعماني.
ذكره النجاشي في «رجاله» بقوله: المعروف بابن أبي زينب، شيخ في أصحابنا، عظيم القدر، شريف المنزلة، صحيح العقيدة، كثير الحديث، قدم بغداد، وخرج إلى الشام، ومات بها، له كتب، منها: كتاب «الغيبة» وكتاب «الفرائض» وكتاب «الرد على الإسماعيلية» (1).
وقال العلامة المجلسي في ديباجة «بحار الأنوار»: كتاب الغيبة للشيخ الفاضل الكامل الزكي محمد بن إبراهيم النعماني تلميذ الكليني رحمه الله. وقال في موضع آخر منها: كتاب النعماني من أجل الكتب (2).
وقال الشيخ المفيد في «الإرشاد» بعد أن ذكر النصوص على إمامة الحجة عليه السلام:
والروايات في ذلك كثيرة، قد دونها أصحاب الحديث في هذه العصابة وأثبتوها في كتبهم المصنفة، فممن أثبتها على الشرح والتفصيل محمد بن إبراهيم المكنى أبا عبد الله النعماني في كتابه الذي صنفه في الغيبة (3).
Bogga 26