59

Fusul Gharawiyya

الفصول الغروية في الأصول الفقهية

Sanadka Daabacaadda

1404 AH

واحترز عنه في الحد بإضافة الأصل إلى ضمير اللفظ وقد أشكل على هذا الحد بلزوم الدور حيث إن معرفة الأصل متوقفة على معرفة الاشتقاق وهو المقصود بمعرفة المشتق إذ الكلام في معرفة من حيث الاشتقاق فتكلف بعضهم في دفعه بأن المراد بالأصل إنما هو الأصل الجزئي فكأنه قيل ما وافق جزئيا من جزئيات الأصل معرفته إنما تتوقف على معرفة الاشتقاق الجزئي وهو غير مقصود بالتعريف وإنما المقصود تعريف ماهية الاشتقاق وفساده ظاهر لان جزئي الأصل إنما اعتبر في الحد باعتبار كونه جزئي الأصل حيث عنون به فيتوقف على معرفة ماهيته فيلزم الدور وأيضا إذا توقف معرفة الأصل الجزئي على معرفة الاشتقاق الجزئي فمعرفة الاشتقاق الجزئي تتوقف على معرفة اشتقاق الكلي ضرورة أن معرفة الأصل الجزئي إنما يتوقف على معرفة الاشتقاق الجزئي من حيث كونه اشتقاقا جزئيا فإذا توقف معرفة الاشتقاق الكلي على معرفة الأصل الجزئي لزم الدور وأيضا الغرض من تعريف ماهية الاشتقاق إنما هو التوصل بمعرفتها إلى معرفة جزئياتها فإذا توقف معرفة جزئيات الأصل المأخوذ في تعريفها على معرفة جزئيات الاشتقاق لزم الدور ويمكن أن يجاب بأن هذا الحد تعريف لفظي لمن عرف معنى الأصل والفرع وجهل مدلول لفظ المشتق والاشتقاق والتحقيق أن يجاب بأن المراد بالمشتق المبحوث عنه هنا هو المشتق بالاشتقاق الصغير كما نبهنا عليه وما يتوقف عليه معرفة الأصل والفرع هو معرفة الاشتقاق بالمعنى الأعم فلا يلزم الدور وقولنا بأصول حروفه احتراز عن المشتق بالاشتقاق الأكبر كثلم وثلب وعن دخول مثل الاستعجال والاستخراج حيث يتوافقان في الحروف الزوائد وعن خروج مثل الخروج والاستخراج حيث لا يتوافقان في الحروف الزوائد وقولنا أو حكما لدخول نحو قول وقال فإن الألف المقلوبة عن الواو في الاعلال مثلا واو حكما وكذلك عد من الوعد فإن الفاء المحذوفة بحكم المذكور وقولنا مع مناسبة المعنى احتراز عن مثل أضرب بمعنى أعرض بالنسبة إلى الضرب بمعناه المعروف وهو يتناول ما إذا اتحد المعنى فيهما كالقتل والمقتل وقد يخرج ذلك عن حد المشتق ويعتبر مخالفة ما بينهما في المعنى نظرا إلى عدم فائدة في الاشتقاق بدونها واختلف سواء كان بالزيادة كضرب من الضرب أو بالنقص كضرب من ضرب على ما يراه الكوفيون وقولنا مع موافقة الترتيب احتراز عن المشتق بالاشتقاق الكبير فإنه وإن اشتمل على الحروف الأصلية لكنه لا يشتمل على ترتيبه والمراد به ما يتناول الترتيب الحقيقي كما مر والحكمي كقه من الوقاية وقد يدخل في المشتق المعدول وهو ما خرج عن صيغته الأصلية والفرق بينه وبين غيره من أنواع المشتق أن صيغته مأخوذة من صيغة أخرى على أن الأصل بقاؤه عليها بخلاف بقية المشتقات فإنها غير مأخوذة من مباديها على أن يكون الأصل بقاءها عليها واعلم أنه لا بد في الاشتقاق من تغيير في اللفظ تحقيقا لمعنى الأصلية والفرعية وذلك إما بزيادة حرف أو حركة أو نقصان أحدهما أو بالمركب منهما ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا فيرتقي الأقسام إلى خمسة عشر قسما وينبغي أن يراد بالتغيير ما يعم التغيير الحقيقي و الحكمي ليدخل فيه نحو فلك مفردا وجمعا ثم البحث عن المشتق هنا ليس من حيث الاشتقاق وكيفيته فإنه موكول إلى فن الصرف ولا من حيث مفاد مبدئه فإنه محال إلى كتب اللغة بل البحث هنا في صدقه ومفاده من حيث الاشتقاق والكلام فيه في موارد يرد عليك تفضيلها ثم اعلم أنهم أرادوا بالمشتق الذي تشاجروا على دلالته في المقام اسم الفاعل وما بمعناه من الصفات المشبهة وما يلحق بها على ما سنحققه ولا بأس بالتنبيه على مدلول بواقي المشتقات فمنها الفعل الماضي المتصرف وهو حقيقة في قيام المبدأ بفاعله في الزمان الماضي إما بالنسبة إلى حال النطق وذلك إذا وقع مطلقا كضرب أو بالنسبة إلى غيرها إن اعتبر المضي بالنسبة إليه كما في قولك سيجئ زيد وقد أكرم أباك وقس على ذلك الحال في الحال و الاستقبال وخرج بتقييده بالمتصرف نحو عسى ونعم وبئس إذ لا دلالة لها على زمان أصلا وإن كانت تدل عليها في أصل الوضع على ما زعمه النحاة حيث حافظوا بالتزامه على عكس حد الفعل وطرد حد الاسم ومنها الفعل المستقبل وهو حقيقة في قيام المبدأ بفاعله في الحال أعني أوائل زمان الاستقبال أو الاستقبال وهي ما بعدها كما عرفت على الاشتراك اللفظي أو المعنوي والثاني أظهر على ما يساعد عليه الاعتبار نحو أكرمك الان أو غدا وكان زيد يكرم أباك و قيل حقيقة في الاستقبال مجاز في الحال وفسر الحال بأواخر زمان الماضي وأوائل زمان الاستقبال وقد يقترن بلم ولما فيختص بالماضي كما أن الماضي قد يقترن بأدوات الشرط فيختص بالاستقبال غالبا وظاهر كلامهم أن استعمالهما مجاز حينئذ وكان الذوق لا يساعد على ذلك وأما استعمال كل منهما بمعنى الاخر في غير ذلك فمجاز قطعا لنصهم عليه مع شهادة الاستعمال به ومنها فعل الأمر والنهي وسيأتي تحقيق الكلام فيهما ومنها اسم المفعول وهو حقيقة في الذات التي وقع عليها المبدأ في الحال كما أنه مجاز في الذات التي يقع عليها المبدأ في الاستقبال ثم قد يطلق و يتبادر منه ما يعم الحال والماضي كقولك هذا مقتول زيد أو مصنوعه أو مكتوبه وقد يختص بالحال نحو هذا مملوك زيد أو مسكونه أو مقدوره ومنه دابة مسرجة وديار مزخرفة وأوراق منشورة ولم نقف فيه على ضابطة كلية فالمرجع فيه إلى العرف و يعرف بعض الكلام هنا بالمقايسة إلى ما سيأتي في اسم الفاعل ومنها اسم الزمان وهو حقيقة في الزمن الذي وجد فيه المبدأ ومجاز في غيره ومنه إطلاقه على يوم يشابهه من أيام السنة كقولهم مقتل الحسين عليه السلام ليوم عاشوراء ولا يعتبر الاستيعاب بل يكفي وجود المبدأ فيه ولو في بعض أجزائه ومنها اسم المكان وهو حقيقة في المكان الذي حصل فيه المبدأ والمرجع فيه إلى العرف والكلام فيه كالكلام في سابقه ومنها اسم الآلة وهو حقيقة فيما أعد للآلية أو اختص بها سواء حصل به المبدأ أو لم يحصل ومنها صيغة المبالغة و هي حقيقة في الذات التي كثر اتصافها بالمبدأ عرفا وذلك يختلف باختلاف المبادي ولا يعتبر الاتصاف حال النطق ويظهر من بعضهم دخول ذلك في محل النزاع الآتي وهو بعيد فصل إطلاق المشتق على الذات المتصفة بمبدئه في الحال حقيقة اتفاقا كما أن إطلاقه على ما يتصف به في الاستقبال مجاز اتفاقا وفي إطلاقه على ما اتصف به في الماضي أقوال ثالثها حقيقة إن كان مما لا يمكن بقاؤه وإلا فمجاز ورابعها حقيقة إن كان الاتصاف أكثريا بحيث لا يعتد بما يطرأ عليها من عدم الاتصاف مع عدم الاعراض

Bogga 59