174

Fusul Gharawiyya

الفصول الغروية في الأصول الفقهية

Sanadka Daabacaadda

1404 AH

في العموم كمعرفه باللام وهذا مما لا خفاء فيه بعد ملاحظة موارد إطلاقه وإنما الاشكال في منشأ هذا الظهور ولعل السر في ذلك كون الإضافة بحسب الأصل مقتضية لان يكون المراد بالمضاف الشئ المعهود عند المخاطب بالإضافة باعتبار كونه معهودا عنده بها لأنها موضوعة لنسبة المضاف إلى ما أضيف إليه باعتبار كونه متعينا عند المخاطب بتلك النسبة وإلى هذا أشار بعض محققي النحاة حيث قال تعريف الإضافة باعتبار العهد فلا تقول جاءني غلام زيد إلا لغلام معهود بينك وبين المخاطب قال نجم الأئمة هذا أصل وضع الإضافة لكنه قد يقال جاءني غلام زيد من غير إشارة إلى معين كالمعرف باللام وهو خلاف وضع الإضافة لكنه كثير في الكلام وحينئذ فحيث لا يكون قرينة توجب تعيين البعض يتعين الحمل على الجميع لتعينه عند المخاطب بخلاف ما دونه من المراتب لتردده بين الجملة فكما عرفت في المبحث المتقدم هذا إذا كان الجمع مضافا إلى المعرف كعلماء البلد ورجال الدار وأما إذا كان مضافا إلى النكرة كرجال دار وعلماء بلد فيحتاج إلى مزيد توجيه وذلك بأن يقال إضافة الجمع إلى النكرة لما لم توجب التعيين من حيث ما أضيف إليه نظرا إلى إبهامها بهذا الاعتبار وإن أوجب التخصيص فلو لم يعتبر المضاف أعني الجمع حينئذ باعتبار الجميع بل باعتبار بعض غير معين ازداد فيه الابهام المنافي لوضع الإضافة ولو اعتبر من حيث المجموع قل نظرا إلى كون الابهام فيه حينئذ من حيث ما أضيف إليه فقط وهو أقرب بالنسبة إلى أصلها فيكون بحكم أقرب المجازات في وجوب الحمل عليه عند تعذر الحقيقة وأما المفرد المضاف فالحق أنه لا يفيد العموم بنفسه مطلقا كما يظهر بالتصفح في موارد استعماله لا يقال يمكن التمسك في إثبات عمومه بالبيان المتقدم في الجمع وتوجيهه أن يقال ليس المراد بالمضاف الطبيعة من حيث هي لما مر بل من حيث الفرد فحيث لا قرينة على إرادة البعض يتعين الحمل على الجميع لئلا يلزم الترجيح من غير مرجح أو الخروج عما يقتضيه أصل الإضافة لأنا نقول الظاهر من تعريف المفرد بالإضافة عند عدم العهد تعريفه باعتبار الجنس أو التميز في الذهن فمعنى غلام زيد هذه الطبيعة الخاصة من الغلام فلا يجري فيه الوجه المذكور والفرق بينه وبين الجمع أن مدلول الجمع الافراد ولا تعيين لشئ من مراتبها لدى السامع عند عدم العهد إلا الجميع بخلاف المفرد فإن مدلوله الماهية والجنس فيمكن اعتبار التعيين فيه بحسب مدلوله الجنسي أو حضوره الذهني كما في المفرد المعرف باللام أو الصنفي كما في المقام أو الشخصي كما في العهد ولا يشكل ذلك باستلزامه تعريف المضاف إلى المنكر لان التعيين بالمنكر لا يفيد كمال التعيين المعتبر في التعريف وإن أفاد التخصيص واعلم أن بعض الأصوليين صرح في بعض مباحث الامر بأن المصدر المضاف يفيد العموم وأثبت به عموم الامر في قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره واستشهد عليه بصحة الاستثناء منه في الآية والحق أن المصدر المضاف كغيره من المفردات المضافة مما لا إشعار له بالعموم بنفسه فإن قولنا أعجبني ضرب زيد مما لا دلالة له على إعجاب كل ضرب صدر منه وأما الامر في الآية فهو مفيد للعموم لا لما ذكروه بل لوقوعه في سياق ما هو في معنى النهي كما مر التنبيه عليه في محله فصل الأكثر على أن الجمع المنكر لا يفيد العموم وقيل بل يفيده وعن الشيخ أنه يفيده نظرا إلى الحكمة ولا فرق في موضع النزاع بين أنواع الجمع ولا بين المنون منه وغيره نعم ينبغي أن يراد به ما عدا المضاف لما مر من إفادته العموم والحق عندي ما ذهب إليه الأكثرون لنا أن الجمع بحكم التبادر موضوع للماهية الملحوظة باعتبار كونها متحدة مع ما زاد على الفردين والماهية المأخوذة بهذا الاعتبار صالحة للصدق على كل جملة من الافراد حتى الجميع فإذا دخل عليه التنوين وهي ظاهرة في النكارة التي مفادها مصداق من مصاديق ما دخلت عليه لا بعينه كان مدلوله أحد تلك المصاديق لا على التعيين فيتردد بين الجميع وما دونه من المراتب مما فوق الاثنين فلا يختص بالجميع والظاهر أن لا نزاع في صلوحه للجميع على البدلية وإن كان منونا قال العلامة التفتازاني لا نزاع في أن الجمع المنكر صالح للجميع من حيث إنه أحد أفراد الموضوع له للقطع بأن جميع الرجال رجال على الحقيقة وإنما النزاع في كونه ظاهرا في العموم على حد سائر الصيغ هذا ثم عندي على صلوح الجمع المنون لجميع الافراد وعلى لحوق التنكير به إشكالان ينبغي التعرض لهما ولدفعهما تنقيحا للمرام وتحقيقا للمقام الأول أن قضية كون أداة الجمع حرفا وكون الحروف بأسرها موضوعة بالوضع العام لمعان خاصة على ما تحقق في أوائل الكتاب أن يكون مدلول الجمع خصوص مرتبة من المراتب التي فوق الاثنين دون القدر المشترك بينهما لأنه كلي فينافي وضع الحرف فلحوق التنوين به يوجب طريان النكارة عليه بحسب مصاديق المرتبة التي استعمل فيها الجمع وظاهر أن هذا لا يتحقق في حق الجميع إذ لا تعدد في مصاديقه الثاني أن التنكير لا يخلو إما أن يكون لاحقا لما عرضت عليه وصف الجمعية أو لنفس الوصف والأول يوجب التدافع بين مفاد التنوين الدالة على الوحدة الفردية ومفاد الجمعية الدالة على التعدد والثاني باطل لما سبق التنبيه عليه من أن الجمعية المفهومة من الجمع معنى آلي وأنها غير ملحوظة لنفسها بل لملاحظة حال ما تعلقت به بدليل أن الدال عليها حرف أو ما بحكمه بالاتفاق ومعاني الحروف مما يمتنع وصفها بوصف أو تقييدها بقيد لان كلا من الوصف والتقييد في قوة الحكم يستدعي كون الموصوف والمقيد متصورا لنفسه ملحوظا في ذاته وإلى هذا ينظر ما يقال من عدم جواز دخول الحرف على الحرف إذ ليس المراد دخوله عليه لفظا فإن جوازه من الأمور الجلية التي لا يعتريها وصمة الانكار بل المراد دخوله عليه معنى على حد دخوله على الاسم والفعل ووجهه أن الحروف حيث كانت موضوعة لمعان آلية ملحوظ بها أحوال ما دخلت عليه وارتبطت به فلا جرم كان مدخولها معان مستقلة بالذات ملحوظة في نفسها فإن ما يلاحظ لغيره يستدعي كون الغير ملحوظا لنفسه بالضرورة والسر فيه أن وجود معنى الحرف في الذهن وجود عرضي فيمتنع قيامه بمثله للزوم قيام المعنى بالمعنى وهو محال وتعلقه بشئ عبارة عن قيام لحاظه به فلا يتعلق بمثله وأما

Bogga 174