163

Fusul Gharawiyya

الفصول الغروية في الأصول الفقهية

Sanadka Daabacaadda

1404 AH

الذوق والتبادر وتفصيل المقام وتوضيح المرام أن لاسم الجنس في صحيح الاستعمال حالات إحداها أن يتجرد عن جميع اللواحق كما إذا كان غير منصرف كحمراء وصفراء فإذا قيل رأيت حمراء وأريد أن الرؤية وقعت على الفرد فإن أريد بحمراء نفس الجنس وأريدت الفردية بقرينة الرؤية أو غيرها كان حقيقة وإن أريد الفردية منه كان مجازا ومن هنا يظهر وجه ضعف آخر في السؤال المذكور الثانية أن يحلقه تنوين التمكن وهو يفيد تمامية الاسم فقط وهذا في المعنى يرجع إلى القسم السابق وأغلب ما يكون كذلك إذا كان اسم الجنس محمولا كقولك هذا رجل فإن الظاهر من مقام الحمل قصد الجنسية دون الفردية لعدم استقامة اعتبارها مع التساوي ولزومها للحمل مع أخصية الموضوع فيلغو اعتبارها في المحمول وكذا إذا قيل جاءني رجل لا امرأة في أحد الوجهين الثالثة أن يلحقه تنوين التنكير ويسمى حينئذ نكرة وقد يطلق النكرة على ما يتناول الأقسام الثلاثة ومدلولها فرد من الجنس لا بعينه بمعنى أن شيئا من الخصوصيات غير معتبر فيه على التعيين فيصح أن يجتمع مع كل تعيين لا أن عدم التعيين معتبر فيه فلا يجتمع مع تعيين وبالجملة تقييد الحقيقة بكل واحد من الافراد غير متعين بل بحيث يصلح أن يقع بدل كل فرد فرد آخر فتقييده تقييد ترديدي لا تعييني فالتقييد بالفرد المأخوذ في مدلوله ليس مفهوم التقييد باعتبار كونه مفهومه بل باعتبار كونه آلة لملاحظة حال الجنس ومنه يظهر أن مدلول النكرة جزئي وليس بكلي كما سبق إلى كثير من الأوهام فإن الجنس المأخوذ باعتبار كونه مقيدا بفرد أي متحدا معه جزئي لا غير ولا فرق فيما ذكرناه في تحقيق مدلول النكرة بين أن يكون الفرد معينا عند المتكلم كما في جاءني رجل أو عند المخاطب كما في أي رجل أتاك أو يكون غير معين عندهما كما في جئني برجل إذ التعيين الحاصل في المثالين الأولين زائد على مدلولها وخارج عنه ولهذا لو أريد بها معه كان مجازا ولا يتوهم أن اسم الجنس على هذا التقدير مستعمل في الفرد بل مستعمل في نفس مفهومه أعني الجنس وإن أطلق على الفرد لان التقييد بالفرد إنما يستفاد من التنوين وتحقيق المقام وتوضيحه أن إطلاق الكلي على الفرد يقع على وجهين أحدهما أن يطلق عليه باعتبار تحقق الطبيعة الكلية التي هي مدلول فيه كإطلاق الانسان على زيد باعتبار كونه إنسانا في قولك رأيت إنسانا وهذا حقيقة قطعا لان إطلاق اللفظ على فرد مفهومه بهذا الاعتبار إطلاق له على نفس مفهومه وعلى قياسه الاطلاق في الفرض المذكور الثاني أن يطلق عليه من حيث الخصوصية وهذا مجاز لان اللفظ غير موضوع له كذلك وهذا كما لو أطلق إنسان وأريد به زيد باعتبار خصوصيته والفرق بين الاطلاق أن اللفظ في الاطلاق الأول مستعمل في الطبيعة من حيث هي لان إطلاقه على الفرد باعتبار ما حل فيه من الطبيعة إطلاق له في الحقيقة على نفس تلك الطبيعة فيكون حقيقة إذ التقدير أن اللفظ موضوع بإزائها وفي الاطلاق الثاني مستعمل في المركب من الطبيعة وقيد الخصوصية أو التقييد بها واللفظ غير موضوع بإزائه بل بإزاء جزئه فاستعماله فيه استعمال له في غير ما وضع له بعلاقة الجزئية والكلية فيكون مجازا والمراد أنها غير موضوع له باعتبار وضعه للطبيعة من حيث هي وأنه مجاز باعتباره فلا ينافي كونه حقيقة فيه باعتبار وضع آخر كما لو كان اللفظ مشتركا بين الكلي و الفرد وكذلك الحال في إطلاق المنون على فرد معين من مدلوله فإنه قد يطلق ويراد به الماهية المقيدة بفرد معين على أن يكون التعيين مرادا من غير لفظه فيكون حقيقة إذ لا يزيد مدلوله على الطبيعة المقيدة بأحد أفرادها وقد أريد ذلك من لفظه وأريد التعيين من غيره وقد يطلق ويراد التعيين من لفظه فيكون مجازا هذا تحقيق ما نص عليه جماعة من المحققين وهو بمكان من الظهور و الوضوح وزعم الفاضل المعاصر في توجيه كون إطلاقه حقيقة على الوجه الأول أن معنى رجل مثلا حينئذ في ظرف التحليل شخص متصف بأنه رجل فالنسبة التقييدية المستفادة من المادة والتنوين تستلزم هذه النسبة الخبرية أعني النسبة في قولنا هو رجل بالحمل المتعارف فهو على حد الحمل حيث لا تجوز في شئ من طرفيه و النسبة هذا محصل كلامه وهو بعد بعده عن الأنظار المستقيمة مما لا يعرف له وجه إذ لا حاجة إلى تكلف إرجاعه إلى الحمل كما عرفت من توجيهنا مع أنه ليس بين مدلول المادة ومدلول التنوين نسبة تقييدية كما يقتضيه ظاهر كلامه لان التنوين كما عرفت موضوع للتقييد بالفرد باعتبار كونه آلة لتعرف أحوال الطبيعة وهو بهذا الاعتبار معنى نسبي يمتنع أن يحتمل نسبة لان النسبة تستدعي تصور طرفيها بالاستقلال وهذا ظاهر جدا وزعم في توجيه كونه مجازا في الوجه الثاني أن مدلول اللفظ حينئذ فرد هو الكلي لا غير بدعوى أن الكلي والفرد حقيقة واحدة وموجود واحد فيفيد حصر الكلي فيه فيلزم التجوز لان زيدا لا غير مثلا معنى مجازي للفظ رجل قال وهذا معنى قولهم إذا أطلق العام على الخاص مع قيد الخصوصية كان مجازا ثم قال فإن قلت إرادة الخصوصية من الفرد لا تستلزم دعوى انحصار الكلي في الفرد بل معناه أن هذا الشخص مع الخصوصية رجل فاستعمل اللفظ الموضوع للجز في الكل بطريق الحمل المتعارف وهو لا ينافي تحقق الرجل في غير هذا الشخص و الحاصل أن اللفظ الموضوع للماهية لم يستعمل فيها بل في الفرد مع قيد الخصوصية فيكون مجازا ولا يلزم منه إفادة الحصر وأجاب عنه بأنه ناش عن الغفلة عن فهم الحقيقة والمجاز ثم أورد في بيانه كلاما حاصله أن الحقيقة عبارة عن الكلمة المستعملة فيما وضعت له استعمالا مستلزما في ظرف التحليل للحمل الذاتي كما لو علمنا أن لفظ الأسد موضوع لحيوان ولم نعلمه بعينه فإذا وصف لنا وميز و قيل هذا الأسد فهذا حمل ذاتي والمجاز عبارة عن الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له

Bogga 163