123

Fusul Gharawiyya

الفصول الغروية في الأصول الفقهية

Sanadka Daabacaadda

1404 AH

وشبهه ولو كان له عموم بالنسبة إليها أيضا لصح ذلك من غير تقدير لأنا نقول ليس الغرض شمول النفي للأزمان أصالة بل تبعا من حيث شموله لجميع الافراد المتحققة في جميع الأزمان كما هو قضية رفع الطبيعة المطلقة إذ بدونه لا يكون المنفي هي الماهية المطلقة بل المقيدة بزمان دون زمان وهو خلاف الفرض ومما يؤكد ذلك ما تقرر في محله من أن الزمان من مشخصات الفعل فالفرد الحاصل في كل جز من الزمان لا يكون إلا موجودا فيه فلا ينفك عموم الافراد حقيقة عن عموم الأزمان وأما عدم صحة استثناء بعض الأزمان في المثال المذكور من غير تأويل فإنما هو لعدم التجانس المعتبر في الاستثناء المتصل فلا ينافي تناوله للأفراد المتحققة فيها وإنما يتم ما ذكر إذا لم يصح استثناء بعض الافراد المقيدة ببعض تلك الأزمان وهو ممنوع ومما حققنا يظهر ضعف فرق بعض المعاصرين بين شموله لافراد زمان واحد وشموله للأفراد الحاصلة في جميع الأزمنة حيث قطع بدلالته على الأول دون الثاني بل منع من دلالته عليها مع أنهما على ما عرفت من باب واحد وإن شئت مزيد بيان للمقام وزيادة توضيح للمرام فاعلم أن للماهية بحسب الاعتبار حالات ثلاث لأنها إما أن تعتبر مقيدة أو لا والثاني هي الماهية لا بشرط وعلى الأول إما أن يكون القيد وجود شئ أو عدمه فالأول هو الماهية بشرط شئ والثاني هو الماهية بشرط لا فتقسم الماهية إلى هذه الأقسام بواسطة انقسام ما يلحقها من الأحوال الاعتبارية والمقسم هو الماهية المعتبرة مجردة عن تلك الاعتبارات ولا يقدح لزوم ارتفاع النقيضين من ثبوت التقييد بالاعتبارين وعدمه عنها لجوازه بالنسبة إلى مرتبة الذات لان مرجعه إلى سلب اقتضائها لهما لا إلى اقتضائها لسلبهما عنها وحينئذ فتتغاير الأقسام في الاعتبار و تتقابل لتقابل الاعتبارات وقد تعتبر هذه الأقسام بالنسبة إلى الواقع من الذهن والخارج ثم الماهية الممكنة المأخوذة بشرط شئ بكل من الاعتبارين يتبع في الامكان وعدمه إمكان لحوق الشرط لها و عدمه وهذا واضح والماهية المأخوذة بشرط لا بالاعتبارين إن اعتبرت بالقياس إلى شئ معين جاز وجودها حقيقة ذهنا وخارجا في الجملة كالانسان بشرط عدم كونه متحركا بالفعل وإلا امتنع إذ لا أقل من تقيدها بالوجود ولوازمه نعم للعقل أن يعتبرها بشرط عرائها عن جميع ما يعتريها من اللواحق حتى من وجودها الذهني الذي هو نفس تصورها لكن وجودها حينئذ اعتباري لا حقيقي و الماهية لا بشرط إن أخذت بالاعتبار الأول أمكن وجودها حقيقة ذهنا وخارجا إذ عدم اعتبار الشرط لا يقتضي العدم وإن أخذت بالاعتبار الثاني امتنع وجودها لاستحالة خلو الموضوع الموجود عن عين المحمول ونقيضه وعند التحقيق الماهية المعتبرة لا بشرط بالاعتبار الأول هي ماهية مأخوذة بشرط لا بالنسبة إلى ذلك الاعتبار بالاعتبار الثاني فإذا تبين عندك مما حققناه أن للماهية بالنظر إلى الاعتبار والتصور كما هو المعتبر حال الوضع حالات ثلاث و بالنظر إلى الوجود والواقع كما هو المعتبر حال الاستعمال حالتين لاستحالة وجودها بالحالة الثانية ظهر صحة ما ادعيناه في المقامين فإنه إن لوحظ نفي الماهية وجرد النظر عما لها من التقييد بشئ و عدمه كملاحظة الواضع لها حين الوضع لم يوجد له دلالة على عموم النفي لصلوحه له ولخلافه لان نفي الماهية المأخوذة بهذا الاعتبار مردد بين أن يكون نفيا للماهية المطلقة والمقيدة لظهور أن النفي إنما يتعلق بالماهية الملحوظة على ما تقرر عليه في اللحاظ واقعا ولا يدور مدار الاعتبار وهي بهذا الاعتبار غير منفكة عن أحد الاعتبارين و إن جرد النظر عنهما وإن لوحظ باعتبار ما لها من التقييد بعدم شئ معها وهو اعتبار إطلاقها دل على عموم النفي إذ لا يصدق رفع الماهية الغير المقيدة مع وجود مقيد من مقيداتها ويمكن تقرير الدليل بوجه آخر أوضح وهو أن صيغة النهي عند الاطلاق تدل على طلب نفي الماهية في الزمن المشترك بين الحال والاستقبال بدليل أنها مأخوذة من المضارع الموضوع للقدر المشترك بين الزمنين كما هو المختار ولا يصدق نفي الماهية في الزمن المشترك بين الزمنين إلا بترك جميع أفرادها في جميع أفرادهما كما لا يصدق قولنا ما ضرب زيد إلا بانتفاء جميع أفراد الضرب منه في جميع أفراد الزمن الماضي للبيان الذي سبق فيلزم من ذلك دلالتها على الدوام عند الاطلاق وهو المقصود الرابع ما وجدناه في كلام بعض المعاصرين في توجيه حجة المثبتين وهو أن المطلوب بالنهي المطلق إن لم يكن دوام الترك لكان المطلوب منه الترك في وقت معين والتالي باطل إذ لا دليل على التعيين فيلزم الاغراء بالجهل ورده بعد ما عده وجها وجيها بما حاصله منع الملازمة لجواز أن يكون المطلوب طبيعة الترك في أي وقت اتفق كما مر نظيره في الامر فلا يثبت الدوام ثم بنى على هذا الرد والتحقيق أن الملازمة فيه في الجملة ظاهرة لان ترك الفعل في الجملة مما لا يصلح غالبا لان يكون مطلوبا للعقلا و مقصودا لهم لوقوعه من كل فاعل لا محالة فإن كل زان يترك الزنا في الجملة وكل سارق يترك السرقة في الجملة وهكذا وصيرورة الترك بالنهي صالحا لان يقصد به الامتثال فيترتب عليه آثاره مما لا يعتد به في مثل المقام فائدة نعم يتجه على الملازمة أمران الأول أن المطلوب بالنهي قد يكون الترك على وجه الامتثال وهو غير لازم الحصول على تقدير عدم النهي ويمكن دفعه بأن الكلام في النهي المطلق وهو ظاهر في طلب الترك المطلق على حذو ما مر تحقيقه في مبحث الامر الثاني أن الفعل المنهي عنه قد يكون مما يمكن بقاؤه واستمراره كالتعرب عن البلدان وهجر الاخوان والتخلق بمساوي الأخلاق وغير ذلك مما لا يلزم فيه وقوع الترك في الجملة ويمكن دفعه بأنه لا محيص من التزام القول بالاستمرار في غيره فيمكن إتمام الكلام فيه بعدم القول بالفصل وربما أمكن منع بطلان التالي بالتزام القول بالفورية دون الاستمرار لكنه ضعيف ولا يخفى أن هذا الوجه لا يصلح مستندا للمثبتين لأنه لا يقتضي دلالة

Bogga 123