Fusuul Fi Usuul
الفصول في الأصول
Daabacaha
وزارة الأوقاف الكويتية
Daabacaad
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1414 AH
Goobta Daabacaadda
الكويت
Noocyada
Usulul Fiqh
وَأَمَّا قَوْلُهُ (عَقِيبَ ذِكْرِهِ الْبَيَانَ: فَأَقَلُّ) مَا فِي تِلْكَ الْمَعَانِي الْمُجْتَمِعَةِ الْمُتَشَعِّبَةِ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِمَنْ خُوطِبَ (بِهِ) مِمَّنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِ فَإِنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ الْبَيَانِ لِمَنْ يَكُونُ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَعْنَى الْبَيَانِ بِوَجْهٍ.
وَفِيهِ أَيْضًا خَلَلٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْبَيَانَ لَا يَخْتَصُّ بِلُغَةٍ دُونَ غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ لُغَةُ الْعَرَبِ أَبْيَنَ وَأَفْصَحَ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ، لِأَنَّ أَهْلَ كُلِّ لُغَةٍ لَهُمْ ضَرْبٌ مِنْ الْبَيَانِ فِي لُغَتِهِمْ. وَمَوْضُوعُ اللُّغَاتِ فِي الْأَصْلِ لِلْبَيَانِ لَا غَيْرُ، وَالرَّجُلُ إنَّمَا ابْتَدَأَ الْقَوْلَ بِذِكْرِ الْبَيَانِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَمْ يَقُلْ الْبَيَانُ الْوَارِدُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ رَسُولِهِ ﷺ لِيَكُونَ بَيَانًا لِمَنْ ذُكِرَ مِمَّنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِ (وَعَلَى أَنَّ اقْتِصَارَهُ بِالْبَيَانِ أَنَّهُ لِمَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِ) غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ بَيَانٌ لِسَائِرِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ النَّاسِ مَنْ عَرَفَ لُغَةَ الْعَرَبِ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَا يَعْرِفُ لُغَةَ الْعَرَبِ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَعْرِفَ مَعْنَاهُ بِلُغَتِهِ وَيُنْقَلَ إلَى لِسَانِهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٣٨] وقَوْله تَعَالَى ﴿وَأُوحِيَ إلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] وَقَالَ تَعَالَى ﴿إنْ هُوَ إلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ [التكوير: ٢٧] وَقَالَ فِي صِفَةِ الرَّسُولِ ﷺ ﴿نَذِيرًا لِلْبَشَرِ﴾ [المدثر: ٣٦] فَكُلُّ مَنْ تُرْجِمَ لَهُ مَعْنَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ مِنْ أَهْلِ سَائِرِ اللُّغَاتِ فَهُمْ مُنْذَرُونَ بِالْقُرْآنِ وَبِالرَّسُولِ ﵇.
وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ ذَلِكَ بَيَانٌ لِمَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِ خَطَأٌ. ثُمَّ لَمْ يَرْضَ أَصْحَابُهُ بِتَحْدِيدِ الْبَيَانِ عَلَى مَا ذَكَرَ فَقَالُوا: الْبَيَانُ اسْمٌ لِإِخْرَاجِ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى التَّجَلِّي فَخَالَفُوهُ فِي ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
2 / 17