Fusuul Fi Usuul
الفصول في الأصول
Daabacaha
وزارة الأوقاف الكويتية
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1414 AH
Goobta Daabacaadda
الكويت
Noocyada
Usulul Fiqh
وَمِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦] فَمَنْ قَالَ بِإِيجَابِ النِّيَّةِ فِيهِ فَقَدْ زَادَ فِي حُكْمِ الْآيَةِ عَلَى وَجْهِ النَّسْخِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّخْصِيصِ إذْ لَيْسَ (هَاهُنَا) تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ لَفْظٍ يَشْتَمِلُ عَلَى مُسَمَّيَاتٍ تَحْتَهُ. وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ أَنَّ الْعُمُومَ شَرْطُهُ أَنْ يَنْتَظِمَ جَمْعًا، وَالْجَمْعُ الَّذِي فِي اللَّفْظِ إنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَأْمُورِينَ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ الطَّهَارَةِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَيَكُونُ شَرْطُ النِّيَّةِ مُخَصِّصًا لِبَعْضِ مَا انْتَظَمَهُ الْعُمُومُ وَلِأَنَّ أَحْوَالَ الطَّهَارَةِ وَأَوْقَاتَهَا مَذْكُورَةٌ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَتَكُونُ النِّيَّةُ مُخَصَّصَةً لِجَوَازِهَا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَفِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرْطَ النِّيَّةِ لَا يُوجِبُ بَعْضَ الْغَاسِلِينَ دُونَ الْبَعْضِ لِأَنَّ تَخْصِيصَ بَعْضِ الْغَاسِلِينَ أَنْ يَخْرُجَ بَعْضُهُمْ مِنْ الْأَمْرِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ الْغُسْلُ.
وَإِنَّمَا خَصَّ عَلَى قَوْلِهِمْ بَعْضَ الطِّهَارَاتِ دُونَ بَعْضٍ وَبَعْضَ الْأَحْوَالِ دُونَ بَعْضٍ وَلَيْسَتْ الطَّهَارَةُ مَذْكُورَةً فِي عُمُومِ لَفْظٍ (حَتَّى يَقَعَ) (فِيهِ) التَّخْصِيصُ بِالنِّيَّةِ فَلَمْ يَكُنْ لِشَرْطِ النِّيَّةِ فِيهَا وَجْهٌ إلَّا نَسْخُ حُكْمِ الْآيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا.
وَمِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ إيجَابُ ضَمَانِ السَّارِقِ مَعَ الْقَطْعِ (مَعَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنْ اللَّهِ﴾ [المائدة: ٣٨] فَجَعَلَ الْقَطْعَ) جَزَاءً وَالْجَزَاءُ اسْمٌ لِمَا يُسْتَحَقُّ بِالْفِعْلِ فَإِذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الضَّمَانَ بِالْفِعْلِ مَعَ الْقَطْعِ صَارَ الْقَطْعُ بَعْضَ الْجَزَاءِ فَهَذَا نَظِيرُ إيجَابِ النَّفْيِ مَعَ الْجَلْدِ عَلَى الزَّانِي عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي بَيَّنَّا، فَاعْتَبِرْ نَظَائِرُ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ بِمَا قَدَّمْنَا مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
1 / 242