الانتداب، تدرّس الإسلام وعلوم الإسلام. كان المدرسون -على الغالب- صالحين مصلحين، وكان الطلاب -على الأغلب- من المسلمين المتمسّكين بالدين. لم يكن في بلدنا كله امرأة واحدة سافرة ولا فجور مُعلَن، وكانت المساجد عامرة، وكانت الملاهي مقفرة، بل لقد كانت معدومة، ما كان في دمشق كله إلا ملهى واحد صغير حقير.
فماذا صار فيها اليوم، وفي أكثر بلاد المسلمين؟
كان العلماء -على ضيق أذهان أكثرهم، واقتصارهم من العلم على كتب معينة يَقرؤونها ويُقرئونها- كانوا على هذا هم مرجع البلد وموئل الناس، وكانوا الأدلة في مسالك الحياة. فما حال العلماء اليوم؟ وكان الناس يقفون عند حدود الحلال والحرام، ويسألون في كل نازلة عن حكم الله، ويربّون أولادهم وبناتهم على خوف الله ووفق شرع الله، فما حال الناس اليوم؟
فماذا أفادت الخطب، وماذا نفعت الأحاديث؟
إنها تنفع وتفيد لو كان بعدها عمل، لأن كلَّ عمل أوّلُه كلام، أما إن اقتصرنا على الكلام فعلينا وعلى كياننا السلام! الطبيب يقول لك كلامًا: يصف لك الدواء لتستعمله، فتُتبع هذا الكلامَ عملًا، أما إن اكتفيت من طبّه بسماع كلماته، لم يكن بُرء ولم يأتِ الشفاء.
* * *
يا إخوان، هل أنتم مستعدون لسماع الحقيقة ولو كانت
1 / 46