ويخرج به عن غايته الغرّاء ومقاصده الخيرية، ويجعله شركة احتكار ربحها المجد والشهرة والجاه.
وليكن نظام المدرسة موافقًا لطبائع الطلاب وفطرتهم، ضامنًا لغايات التربية، عاملًا على إنماء مواهب التلاميذ وملكاتهم، بعيدًا عن الفوضى بعده عن العسكرية الآلية، فلا يجعل التلاميذ متمرّدين يركب كلٌّ منهم رأسَه ولا يخضع إلا لنفسه، ولا يجعلهم آلات صَمّاء لا تحسّ ولا تفكر ولا تشعر بكرامة. وأن يراعى في وضع نظام العقوبات روح الطالب وعزّته، وأن تُحرَّم العقوبات التي تُذِلّ نفوس الطلاب، لأن تربية عزة النفس والكرامة أول واجب على من ينشئ مدرسة دينية تخرّج علماء شرعيين، وحسبنا ما نجد اليوم من ضعف علمائنا (أعني بعضهم) وهوان نفوسهم عليهم!
أما اختيار المدرّسين فهو بيت القصيد وعقدة القصة؛ إذ إن من شروط المدرّس في المدارس الدينية أن يكون دَيّنًا عالمًا معلّمًا مربّيًا. ولا أعني بالدين أن يدع المعلم صفه ليستلم محرابه وأن يترك التعليم ليشتغل بالذكر، ولكن أعني بالدين أن يرعى المعلم حق الله وحق المدرسة عليه ويعرف قيمة الواجب، فلا يغرس في نفوس الطلاب فكرة ضارة ولا خُلُقًا سيئًا ولا عقيدة باطلة، وألاّ يضيع لحظة من الدرس في غير فائدة. وأعني بالعالِم العالم بالمادة التي يدرّسها، لأن المدرس إذا لم يكن متينًا في درسه لم يُفِد ولم يُحترَم. وأعني بالمعلم من كان قادرًا على إفهام الطلاب، مطّلعًا على أصول التدريس، مستعدًا للمناقشة والإقناع. وليس كل من فهم الكتاب المقرَّر أو حفظه وأعاده يُعَدّ معلمًا، بل إني لأعرف علماء كثيرين لا يحسنون التعليم. أما المربي فهو