إن حامل هذه الورقة قد صنع ما صنع بأمري ولخير المملكة، فلا يعارضه أحد.
في 3 كانون الأول سنة 1627
ريشيليه
ثم طوى الورقة ووضعها في جيبه وقال لها: قلمت أظفارك فاخدشي. ثم فتح الباب وخرج فلقي الضابطين اللذين من قبل الكردينال، فقال لهما: امضيا فيما رسمه لكما مولاكما من أخذ الامرأة إلى قلعة بوات ولا تتركاها إلا هناك. ثم ركب جواده وركضه في عرض تلك البيداء حتى سمع وقع حوافر الخيل فعرف أنه الكردينال، فقال: من يحيي؟ فقال له الكردينال: تقدم يا أتوس فإن لك علي شكرا في حراستك لنا، وها قد وصلنا الآن فامضوا إلى مضاربكم، وكلمة المرور «الملك وري». ثم حياهم وذهب، فلما أبعد قال الصاحبان لأتوس: ما ترى كتب لها؟ قال: صه فإن الورقة معي. ثم أرسل خادمه يدعو دارتانيان وسار وصاحبيه، لا ينطقون إلا بكلمة المرور حتى بلغوا مضاربهم.
أما ميلادي فركبت الفلك فأقلع بها إلى إنكلترا.
الفصل الأربعون
حصان سان جرفي
وجاء دارتانيان إلى أصحابه وقال: علام دعوتموني؟ فقال أتوس: لأمر سوف تعلمه، فهلموا بنا الآن إلى أحد الفنادق هنا لعلنا نخلو لسرنا. ثم انطلقوا فصادفوا كريمود خادم أتوس، فأشار إليه أتوس أن يتبعهم، وساروا حتى بلغوا حانة قريبة فدخلوا وإذا بها مكتظة بالجند على اختلاف أجناسهم بين سكارى ومعربدين، فجلسوا يشربون. ودنا أحد الجند من دارتانيان وقال له: لقد كانت فرقتك غائبة ليلة أمس، فماذا فعلتم؟ قال: فتحنا حصنا. قال: وأي حصن هو؟ قال: سان جرفي، فهدمناه وتركناه مهجورا، ولا يبعد أن يرسل إليه الملك جنودا تحتله، فقال أتوس: أتراهنون يا قوم؟ قالوا: علام؟ قال : على أن أذهب أنا وأصحابي الثلاثة فنأكل في ذلك الحصن ونلبث فيه ساعة ثم نعود، ولا تجهلون ما في ذلك من الأخطار لأن رجال روشل على مقربة منه، والرهن طعام تصنعونه لنا، فقال كبيرهم: رضينا، فاذهبوا. فدنا دارتانيان من أتوس وقال له: إن علينا في ذلك لخطرا. قال: لا بأس، فإنا نخلو هناك، ثم عينوا الساعة وانطلقوا وكريمود وراءهم يحمل الزاد حتى بعدوا عن الناس، فقال أتوس: إن لدينا أمورا خطيرة نريد أن نتكلم فيها، ولا نأمن أن يسمعنا أحد إذا تكلمنا في الحانة. قال: وما علينا إذا ذهبنا إلى شاطئ البحر؟ قال: أخشى أن يرونا فيرتابوا بنا فنتهم بدسيسة أو مؤامرة ولا نأمن على أنفسنا من أن يبلغ الكردينال أمرنا من طير السماء أو سمك البحر أو وحش القفر، ولا خوف علينا من الموت هنا، فإن قتلى الحصن تخدمنا. قالوا: وكيف تخدم الموتى الأحياء؟ قال: نتقي بهم من يهاجمنا فيكونوا لنا جنة ولنا فيه مآرب أخرى من بنادقهم وسيوفهم وذخيرتهم، فقال كريمود وقد جلس على الأرض: أنا لا أذهب يا سيدي، فإني أخشى الهلاك. فأخرج أتوس غدارته وقال: أطع أو تهلك. فقام المسكين يمشي وهو يتعثر في أذياله خوفا وفرقا حتى بلغوا الحصن، فصعدوا إليه وأشرفوا على أصحابهم في الحانة، وأشاروا إليهم بالتحية، ثم نزع أتوس قلنسوته ووضعها على سيفه ونصبها كالراية.
الفصل الحادي والأربعون
محادثة الحراس
Bog aan la aqoon