Fanka Iiraani ee Xilliga Islaamka
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
Noocyada
ولعل تلك الطبيعة الزخرفية هي التي حببت إلى الفنانين الإيرانيين رسم الأشخاص ذوي الوجوه الاصطلاحية التي لا يتأثر بها المشاهد فلا يشغله عن الجانب الزخرفي في الصورة شاغل، ومع ذلك فإن الإيرانيين لم يعجزوا - حين أرادوا - عن رسم الصور الشخصية لأفراد معينين، كما لم يفتهم في بعض الأحيان التعبير عن الحالات النفسية المختلفة، بل إنهم استطاعوا رسم المناظر الطبيعية لذاتها؛ كما يظهر من صور عثر عليها الأستاذ أقا أوغلو
Aga Oglu
في إستانبول وليس فيها صور أشخاص أو حيوانات قط، بل تمثل كلها مناظر طبيعية جميلة.
82
أجل، إن تصوير المناظر الطبيعية لم يكن عندهم فرعا مستقلا من فروع التصوير، ولم تكن له المكانة التي وصل إليها عند الغربيين والصينيين، ولكنهم عرفوه ولم ينصرفوا عنه لعجز؛ وإنما لأنه لم يوافق طبيعتهم الفنية واعتقادهم أن الإنسان هو المحور الذي تدور حوله هذه الحياة؛ فالفنان الإيراني يأخذ من الطبيعة ما يريد، ولكنه لا يتقيد بها، وهو لا يتبع أسلوب الفنانين التأثريين
impressionists
فيرسم «الأثر» الذي تجمعه العين والعقل من الأصل الذي يراد تصويره، ويرسم المنظر كما يتذكره؛ فيصور ما يلفت النظر ويسترعي الانتباه فيه، ولا يعنى بالتفاصيل عناية خاصة، وإنما يقربه إلى العين فلا يعبأ بالبعد، وله بعد ذلك أساليبه الخاصة في إظهار دقة الشكل وجماله.
أما الألوان في الصور الإيرانية فلا تتدرج ولا تختلط ولا تتجمع حول مركز مشترك، ولكن فيها من التباين والتنافر والشذوذ ما لا يحتمله التصوير في الفنون الأخرى. والواقع أن الصور الإيرانية لم تبلغ غايتها في دقة الألوان ونضارتها إلا على يد المدرسة التيمورية والمدرسة الصفوية في القرنين التاسع والعاشر بعد الهجرة (الخامس عشر والسادس عشر بعد الميلاد). وقد وفق المصورون حينئذ إلى التخفيف من الشذوذ والتنافر بتصغير المساحات الملونة وتكرارها؛ مما يجعلنا نجد الألوان غير المتقاربة تتجاور في هدوء وبهاء، ولا يخفف من حدتها إلا وضعها في أشكال هندسية صغيرة أو وحدات موزعة في أسطح كبيرة ذات ألوان أخرى.
وحسبك أن تمعن النظر في إحدى الصور الإيرانية الجميلة من مدرسة هراة أو المدرسة الصفوية؛ لتعجب بلون الزهور البيضاء والصحاري السمراء والسماء الذهبية والملابس المختلفة الألوان مما يؤلف مجموعة من الألحان الموسيقية العذبة.
ولا يفوتنا أن نلاحظ أن الصور الإيرانية قبل مدرسة هراة كانت غير شخصية، وأن الفنانين لم يكتبوا إمضاءاتهم عليها إلا نادرا جدا، وأن أول الفنانين الذين ظهرت شخصيتهم ظهورا بينا هو المصور بهزاد، الذي رفع مكانة المصورين، وجعلهم يفخرون بآثارهم الفنية.
Bog aan la aqoon