Fanka Iiraani ee Xilliga Islaamka
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
Noocyada
بقي علينا أن نعرف السبب الذي يمكننا أن ننسب إليه جمود التصوير الإيراني وبعده عن الطبيعة، بعد أن رأينا أنهما لا يرجعان فقط إلى تعاليم الدين الإسلامي في تحريم التصوير، تلك التعاليم التي لم يكن لها في إيران تأثير قوي.
ونحن نذهب إلى أن المسئول عن طبيعة التصوير الإيراني، هي البيئة التي كان يعيش فيها الفنانون، والأساليب الفنية التي ورثوها عن أسلافهم من سكان الهضبة الإيرانية وبلاد العراق والجزيرة والشرق الأدنى عامة، فإن هؤلاء لم يكن لديهم من الحفلات والألعاب الرياضية والمناظر الطبيعية والعناية بالتربية البدنية وتقوية الأجسام، ما يمكن أن يدفعهم - كالإغريق مثلا - إلى دراسة الجسم الإنساني دراسة متقنة، والعمل على تصويره أو صناعة التماثيل له بدقة يراعى فيها صدق تمثيل الطبيعة. وحسبنا أن نوازن بين تمثال إغريقي وتمثال قديم من إيران أو العراق لندرك الفرق بين المدرستين في الفن: مدرسة الإغريق والفنون الغربية التي انحدرت منها ونسجت على منوالها، ومدرسة الشرق الأدنى والفنون الإسلامية - ولا سيما الإيرانية - التي ورثتها واقتفت آثارها. والواقع أن الفن الإيراني من خير الأمثلة لتوضيح نظرية «تين»
Taine
في تأثير البيئة على طبيعة الفنون.
9
وهكذا نرى أن تحريم التصوير في الإسلام لم يعطل ازدهار هذا الفن على يد الإيرانيين وتلاميذهم من الهنود والترك، بل إن الإيرانيين لم يحجموا عن تصوير بعض الموضوعات الدينية، ولا سيما في سير الأنبياء، كصورة مولد النبي ومقابلته الراهب بحيرا في الشام، ورفعه الحجر الأسود ليضعه على جدار الكعبة، وشق صدره وهو يقيم في البيداء عند مرضعته حليمة السعدية، وجلوسه في غار حراء يتلقى الوحي، وقصة المعراج، واختفائه مع أبي بكر في الغار يوم الهجرة، وموت أبي جهل في غزوة بدر، وتحطيم النبي الأصنام في البيت الحرام بعد فتح مكة، وحادث غدير خم الذي يقول الشيعة إن النبي - عليه السلام - أوصى فيه بأسرته بعد حجة الوداع، وأعلن أن سيدنا عليا سيكون خليفة له. وصور الإيرانيون غير هذا من الأحداث في سيرة النبي عليه السلام، أو في سيرة بعض الأنبياء الآخرين.
10
ولكن علينا ألا ننسى أن المصورين الإيرانيين لم يتخذوا التصوير وسيلة لشرح عقائد الدين الإسلامي، ولم يظنوا كالمصورين المسيحيين أنهم دعامة من دعائم الدين، وأن آثارهم الفنية تشرح العقائد وتبعث في قلوب المؤمنين روح التدين والتقوى والتضحية. ولا عجب فقد كان المصورون المسلمون منبوذين من رجال الدين، بينما كانت الكنيسة المسيحية تظل الفنانين بحمايتها ورعايتها حتى غلب على لوحاتهم الفنية طابع ديني لم يستطيعوا التحرر منه إلا منذ القرن الثامن عشر الميلادي.
على أننا لا نستطيع أن ننكر أن التصوير الإيراني كان محدود المجال، وأنه لم ينتشر انتشار التصوير في المدارس الغربية، ولم يكن للجمهور نصيب وافر فيه، بل كان يقوم على أكتاف الملوك والأمراء.
وجدير بنا أن نشير إلى مذهب «الأيكونو كلاسم» أو كاسري الصور (من اليونانية
Bog aan la aqoon