Fanka Iiraani ee Xilliga Islaamka

Saki Maxamad Xasan d. 1376 AH
180

Fanka Iiraani ee Xilliga Islaamka

الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي

Noocyada

ولعل السبب في ذلك أنهم الأمة الوحيدة التي لم يقطع الإسلام صلتها بتاريخها القديم بعد أن فتحها العرب، وأصبحت جزءا من إمبراطوريتهم. وحسبك أن تمعن النظر في الطرز الفنية التي قامت في مصر: الطولوني والفاطمي والمملوكي؛ فإنك لن ترى فيها كبير صلة بالعصر الفرعوني أو العصر الإغريقي الروماني أو العصر القبطي من عصور التاريخ المصري؛ ولا غرابة فإن المصريين فقدوا بعد الفتح العربي لغتهم وأدبهم القديم، بينما إيران صمدت للعنصر العربي طويلا ولم تفقد لغتها القديمة، وإن كتبتها بالحروف العربية، واستعارت لها من اللغة العربية آلاف المفردات والتراكيب. وفي القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) قامت نهضة قوية في إيران، وذاع استخدام اللغة الفارسية في الأدب من جديد، وزاد اعتزاز الإيرانيين بتاريخهم الوطني القديم وبعبقريتهم الفنية التي ورثوها عن أسلافهم الساسانيين. وكان بعد ذلك كتابهم العظيم «الشاهنامه» سجلا لتاريخ بلادهم، وما ألم بها من الأحداث الخرافية والواقعية، فضلا عن سير أبطالهم المشبعة بطرائف الأخبار وقصص الحب والبطولة، وكان لهذا كله أكبر أثر في فنونهم وفي الموضوعات التي أقبلوا على تصويرها أو اتخذوها عناصر زخرفية.

وحسبك دليلا على خلود الثقافة الإيرانية في تاريخ إيران - على الرغم من التقلبات السياسية - أن هذه الملحمة الإيرانية الوطنية نظمها الفردوسي برعاية محمود الغزنوي الذي كان تركي الأصل، والذي عني برعاية الثقافة الإيرانية الإسلامية، وعاش في بلاطه بعض ذوي الشأن الخطير من شعراء إيران.

بل إن الثقافة الإيرانية كانت حينا من الزمن من ألزم الأشياء للطبقات العالية في الشرق الإسلامي؛ وذلك بعد أن زادت مكانة اللغة الفارسية حتى صارت تعنى بدراستها الطبقة المثقفة في الولايات التركية منذ القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي). وقد ظلت الفارسية ذائعة في بلاد الهند حتى القرن الماضي (التاسع عشر الميلادي)، ولا يزال لها في تلك البلاد شأن غير يسير. •••

ومما تمتاز به التحف الإيرانية على غيرها من التحف الغربية ومنتجات الشرق الأقصى أن في أشكال التحف الإيرانية شيئا من الحرية والحياة والبعد عن الدقة والكمال الآليين. وحسبك أن توازن بينها وبين الأواني الإغريقية مثلا لتتبين في هذه شيئا من الجمود والشدة والجفاف، ربما كان أساسه التزام أشكال معينة وأدائها بدقة تذكر بالآلات التي تنتج آلاف القطع المتماثلة، والتي لا تتميز إحداها عن الأخرى. •••

وإذا جاز لنا أن نتكلم عن وحدة فنية عامة في إقليم من الأقاليم التي ساد فيها الإسلام، فإن هذا الإقليم هو إيران؛ لأن الفن الإيراني في الإسلام - ولا سيما الفنون الزخرفية أو الفرعية - يمكن اعتباره متصلا إلى حد كبير بالفن الإيراني القديم؛ فالعبقرية الفنية قديمة في الشعب الإيراني، وكانت تتكيف بأهواء الأسرات الحاكمة في البلاد بدون أن تفقد طابعها الوطني كله، حتى أصبحت الطرز الإيرانية في الإسلام أغنى الطرز الفنية الإسلامية بآثار الفنون التي كانت سائدة في البلاد قبل الإسلام. حقا إن الطراز الهندي الإسلامي يصدق عليه هذا القول أيضا، ولكن علينا أن نذكر أنه قام على أكتاف الإيرانيين، وأنه تأثر بهم تأثرا كبيرا، حتى إن بعض الباحثين لا يعتبرونه طرازا فنيا قائما بذاته. •••

ولا يجدر بنا أن ننسى ما في التحف الفنية الإيرانية من نضارة تكسبها شبابا دائما، وتبعد عنها في أكثر الأحيان ذلك الوقار والجفاء والهيبة التي تحيط بالتحفة الفنية فتطبعها بطابع آخر. وحسبك أن تنظر إلى صورة إيرانية ثم إلى لوحة فنية غربية من العصر نفسه؛ لترى أن شعورك في الحالتين لا يكون واحدا؛ فللصورة الإيرانية سحرها الخاص، وخيالها الواسع، وثروتها الزخرفية، وألحانها المتكررة كالموسيقى الشرقية، وفي اللوحة الغربية ألوانها المملوءة بالمعاني، وتكوينها الباعث على التفكير، ومغزاها في بيان نعيم الحياة أو آلامها. وقصارى القول أن اللوحة الفنية الأوروبية أكثر نضوجا، وأنفذ إلى أعماق الحقيقة، وأقدر على بيان الجمال الروحي في الحياة والطبيعة، وعلى تصوير التضحيات البشرية في الدين والوطنية والمثل العليا.

وإننا لا نلمس هذه النضارة والشباب الفني في الصور الإيرانية فحسب، بل نراها في الخزف وألواح القاشاني والمنسوجات، حتى العمائر الإيرانية لا نجد فيها كل الوقار والجفاف والهيبة التي نراها في العمائر الإسلامية في سائر الأقطار الإسلامية.

ولا ريب في أن هذه الميزة كأكثر الميزات الأخرى في الفن الإيراني، ترجع لدرجة كبيرة إلى طبيعة إيران ومناخها وشمسها وبيئة الفنانين فيها. وقد اختلفت الآراء في تحديد ما كان لهذه العناصر من التأثير في الفن الإيراني؛ فبالغ بعض الكتاب في مقدار هذا التأثير، كما بالغ تين

Taine

في كتابه «فلسفة الفن» ومارش فيلبس

Bog aan la aqoon