قال أبو حاتم: وكنت أسمعه يفضل جريرا على الفرذدق كثيرا فقلت له: يوم دخل عليه عصام بن الفيض: إني أريد أن أسألك عن شيء، ولم أن عصاما يعلمه من قبلك لم أسألك، ثم قلت: سمعتك تفضل جرير على الفرزدق غير مرة. فما تقول فيهما وفي الأخطل؟ فأطرق ساعة، ثم أنشد بيتا من قصيدته:
لَعَمري لقد اسرَبتُ لا ليلَ عاجزِ ... بساهمَةِ الخَدّين طاويَةِ القُرب
فأنشد أبياتا زُهاء العشرة، ثم قال: من قال لك إن في الدنيا أحدا مثلها قبله ولا بعده فلا تصدقه، ثم قال: أبو عمرو بن العلاء كان يفضله، سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: لو أدرك الأخطل من الجاهلية يوما واحدا ما قدمت عليه جاهليا ولا إسلاميا، ثم قال الأصمعي: أنشدت أبا عمرو بن العلاء شعرا فقال: ما يطيق هذا من الإسلاميين أحد ولا الأخطل.
قال أبو حاتم: وسألته عن الأغلب: أفحل هو من الرجاز؟ فقال: ليس بفحل ولا مفلح، وقال: أعياني شعره، وقال لي مرة: ما أروى للأغلب إلا اثنتين ونصفا، قلت: كيف قلت نصفا؟ قال: أعرف له ثنتين، وكنت أروى نصفا من التي على القاف فطولوها، ثم قال: كان ولده يزيدون في شعره حتى أفسدوه ..
قال أبو حاتم: وطلب منه إسحاق بن العباس رجز الأغلب وطلبه منى، فأعرته، فأخرج منها نحوا من عشرين، فقلت: ألم تزعم أنك لا تعرف له إلا اثنتين ونصفا؟ قال: بلى، ولكنني انتقيت ما أعرف، فإن لم يكن له فهو لغيره ممن هو
1 / 13