ومما يمنع المسلم من اليأس مهما حاصرته الخطوب، وأحدقت به وبأمته المحن الأمور التالية:
١ - الإيمان القوي بقضاء الله تعالى، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والإيمان بالقدر خيره وشره من أركان الإيمان، وأصول العقيدة.
٢ - الثقة بوعد الله سبحانه، وبنصره لمن أطاعه، وبدفاعه عن الذين آمنوا، وهو سبحانه لا يخلف الميعاد، ولكنه يبتلي العباد.
قال جل وعلا ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم: ٤٧]
وقال جل ذكره: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ [الحج: ٣٨]
وقال سبحانه: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر: ٥١]
٣ - الوعيد الشديد على اليأس، لكونه قنوطا من رحمة الله، وسوء ظن بالله جل وعلا، واستبعادا لوعد الله تعالى ونصره، وهذا إنما يتصف به الضالون لا المؤمنون، قال جل ذكره: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ [الحجر: ٥٦]
وقال ابن عباس: أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله (١) .
قال الشيخ عبد الرحمن بن محمد العاصي في حاشيته على كتاب التوحيد: " القنوط استبعاد الفرج، واليأس منه- والفرق بينهما لطيف- وسوء الظن بالله، وهو يقابل الأمن من مكر الله، وكلاهما ذنب عظيم منافيان لكمال التوحيد. . " وقال الشيخ: " القنوط بأن الله لا يغفر له، إما بكونه إذا تاب لا يقبل توبته، وأما أن يقول: نفسه لا تطاوعه على التوبة، بل هو مغلوب معها، فهو ييئس من توبة نفسه ".