وخلاصة القول في هذا الباب أن " المقدمة أول ما يطرق الأسماع من الخطبة، فإن كانت جيدة أصغى السامعون، وتأهبوا لما بعدها، وتفتحت نفوسهم للخطيب، وإلا كانت نذيرا بفشله وتفاهة أثره " (١) .
فليجتهد الخطيب في تحضير المقدمة، والتمهيد للموضوع جهده، أما التزام بعض الخطباء بخطبة الحاجة الواردة عن النبي ﷺ في بداية كل خطبة فليس بلازم، وليست السنة كذلك، فإن النبي ﷺ لم يلتزم به في كل خطبة، فهذه خطبة الوداع أشهر خطبه ﷺ وأكثرها مستمعين لم ينقل أنه بدأها بخطبة الحاجة، عن ابن عباس ﵄ «أن رسول الله ﷺ خطب الناس في حجة الوداع فقال: " إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم، فاحذروه. . .» الحديث " (٢) .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في بيان هديه ﷺ في خطبه: «كانت خطبة النبي ﷺ يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه» وفي لفظ: «يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول: " من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وخير الحديث كتاب الله» .
وكان يقول في خطبته بعد التحميد والثناء والتشهد: " أما بعد " (٣) .
إذا فالسنة أن يبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله، ثم يصلي على النبي ﷺ، وأحيانا يبدأ بخطبة الحاجة، ويبدأ بغيرها من الحمد والثناء والصلاة على النبي ﷺ أحيانا أخرى.