وماذا يبغي الناس يا ترى؟ أيحسبون أولئك الذين يستخدمونهم أو يعاملونهم قديسين وملائكة؟ أيخفى عليهم أنهم ينشدون مآربهم ولباناتهم، ويخلصون لأنفسهم فوق إخلاصهم لغيرهم؟
فخير ما نكفكف به من جماح الظنون، ونردها به إلى الاعتدال أن ننظر إليها كأنها صادقة لا غرابة فيها، وأن نصدها كأنها كاذبة لا دليل عليها، ومن حسب الظنون صدقا كان ذلك أحرى أن يمنع ضررها ويسبقه بالحيطة والوقاية. •••
إن الظنون التي يلفقها الذهن طنين، أما الظنون المصطنعة التي تنفثها في الرءوس همسات النمامين وأراجيف الوشاة فهي حمة لاسعة، وخير ما يصنع في هذه الحالة أن يعمد الظان إلى الصراحة، فيواجه النمام بمن ينم عليه، ويعرف إذن من حقيقة الأمر ما غاب عنه، ويصدم النمام فلا يعود إلى الوشاية والاختلاق.
إلا أنها خطة لا تحمد مع السفلة والوضعاء؛ لأنهم إذا انكشفوا بالتهمة لم يخلصوا قط بعد ذلك، والإيطاليون يقولون في أمثالهم: «إن الاتهام يحل من عهد الولاء» ... كأنما الظن يبطل دواعي الإخلاص وهو في الواقع قمين أن يمهد لها سبيل التبرئة والانتصاف.
الخرافة
لأن يتجرد الإنسان من كل فكرة عن الله خير من أن تكون له فكرة سيئة فيه؛ لأن الأولى نقص في العقيدة، أما الأخرى فهي ذم ومعابة.
فالخرافة عيب في حق الذات الإلهية.
وقد أحسن بلوتارك حين قال: «أحب إلي كثيرا أن يقول الناس: لم يوجد قط إنسان يدعي بلوتارك من أن يقولوا: إنه وجد وكان يأكل أولاده عند وضعهم!» كما يتحدث الشعراء عن زحل في الأرباب.
والعيب في الله أعظم، فالخطر فيه أعظم على الناس.
إن الإلحاد يدع للعقل سبيلا إلى تأمل الفلسفة والتقوى الطبيعية، والمبالاة بالقوانين والسمعة، وهي صالحة لهدايته إلى ضرب من الفضيلة الظاهرة، وإن لم ينتفع بهداية الدين.
Bog aan la aqoon