الإلحاد
لأهون علي أن أصدق جميع الأعاجيب التي في كتب الأولين وفي التلمود والقرآن من أن أصدق أن هذه البنية الكونية خلو من العقل.
وأرى أن الله لم يخلق قط معجزة لإقناع الملحدين؛ لأن خلقته العامة حرية أن تقنعهم إن كان بهم مقنع.
والحق أن قليلا من الفلسفة يجنح بالإنسان إلى الإلحاد، ولكن التعمق في الفلسفة يرد العقول إلى حظيرة الإيمان.
وإذا وكل العقل بالأسباب الثانوية، وهي مبعثرة ولا تناسق بينها وقف هنالك أحيانا ولم يتجاوزها إلى ما وراءها.
ولكنه متى لمح التسلسل بين حلقاتها والاتصال بين أجزائها لم يكن له بد من اللياذ بالقدرة الخالقة والحكمة الإلهية.
لا بل يأتي الدليل على صدق الإيمان من أكثر المدارس الفلسفية عرضة للاتهام بالإلحاد، ونعني بها مدرسة ليوسبس وديمقريطس وأبيقور؛ ولأن يقال: إن العناصر الأربعة المتغيرة والعنصر الخامس الذي لا يتغير تستغني عن الله بما فيها من قدرة التألف والتركيب - ذلك أدنى إلى القبول من أن يقال إن هذا الجيش الذي لا يحصى من الذرات الصغيرة ينتظم على هذا الوضع الجميل بغير قيادة إلهية.
والتنزيل يقول: «إن الأحمق قال في نفسه أن لا إله.» ولم يقل: إنه فكر في نفسه.
فإنه ليهجس بها على هواه، ولكنه لا يستطيع أن يؤمن بها حقا وصدقا أو يبلغ بها من عقله مبلغ الإقناع. وما من أحد ينكر وجود الله إلا أولئك الذين يوافقهم أن يكون الله غير موجود.
ولا يظهر من شيء من الأشياء أن الإلحاد على الشفاه وليس في صميم القلوب كما يظهر ذلك من لفظ الملحدين حين يتحدثون برأيهم، كأنهم ضعفوا عن احتماله في قرارة أنفسهم، فهم يبغون القوة عليه من موافقة الآخرين.
Bog aan la aqoon