بدأ درسنا الأول بتاريخ الكيمياء. شرح الأستاذ مدى تطور العلوم على مر السنين قائلا: «هناك تطور هائل يتحقق؛ فبمساعدة الميكروسكوب يستطيع العلماء المعاصرون أن يروا عالما لم نكد نعلم بوجوده قبل اليوم.»
وجلجل صوته في كل أنحاء الفصل وهو يقول: «اكتشف هؤلاء العلماء كيف يجري الدم في أنحاء جسم الإنسان ولماذا، وعرفوا مما يتألف الهواء الذي نستنشقه، ويمكنهم أن ينتزعوا الرعد من السماء، وأن يجعلوا الأرض تهتز. إن الإمكانيات التي تمتلكها العلوم اليوم غير محدودة مثل العقول التي تسعى وراءها.»
وتوقف الأستاذ والدمان عن الحديث لبرهة ثم تابع: «وأنتم أيها الطلبة الأحداث ستكونون المجموعة التالية من المفكرين العظماء.»
تسارعت الأفكار برأسي، وفكرت في نفسي: «أجل! أجل! أجل! أنا فيكتور فرانكنشتاين سوف أكشف حقيقة أعظم أسرار العالم!» وحددت هذه الأفكار مصيري، وتدفقت أحلامي كالنهر العظيم، وما من شيء كان بمقدوره أن يعترض سبيلها. وصرت أفضل طلبة الأستاذ والدمان، ولم يفتني درس واحد، وكنت أنصت إلى كل كلمة يقولها.
وفي يوم من الأيام قررت أن أعرج عليه في منزله، إذ كنت أريد أن أقرأ المزيد من الكتب. فرح الأستاذ لرؤيتي، وقد بدا في منزله مختلفا تماما عنه في الجامعة.
سألني في هدوء: «كيف يمكنني أن أساعدك يا فيكتور؟» جلسنا في غرفة المعيشة، واحتسينا القهوة، وتحدثنا عن الكيمياء لوقت طويل.
شرحت له قائلا: «أريد أن أتعلم كل ما أستطيع عن الكيمياء يا سيدي. هل لديك المزيد من القراءات أو التجارب التي يمكنني أن أجريها؟»
أجابني: «أيها الشاب، يسرني أن أسمع كم تتوق إلى التعلم! لكن العلوم لا تقتصر على الكيمياء. لكي تكون عالما بارعا بحق لا بد أن تتعلم كل أنواع العلوم المختلفة، بما فيها الرياضيات.»
أجبته: «أجل يا سيدي، أنا مستعد أن أتعلم أي شيء وكل شيء لا بد أن أعرفه كي أصير عالما عظيما!»
كان الأستاذ والدمان لطيفا حينها حتى إنه أراني معمله الخاص؛ فرأيت الماكينات الرائعة، وأراني أدواته، وأخبرني كيف أنشئ معملا لنفسي. ونحو نهاية مقابلتنا أعطاني قائمة بالكتب التي كنت أبحث عنها. كم كان يوما رائعا! لقد كان له عظيم الأثر علي؛ فقد قرر مصيري.
Bog aan la aqoon