78

Following Not Innovating - Rules and Principles in Sunnah and Bid'ah

اتباع لا ابتداع - قواعد وأسس في السنة والبدعة

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

مصححة ١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م (بيت المقدس / فلسطين)

Noocyada

ويقرر الشاطبي أنه لا يصح أن يراد بالبدعة المكروه تنزيهًا من حيث أن مرتكب المكروه إنما قصده نيل غرضه وشهوته العاجلة متكلًا على العفو اللازم فيه ورفع الحرج الثابت في الشريعة فهو إلى الطمع في رحمة الله أقرب وأيضًا فليس عقده الإيماني بمتزحزح لأنه يعتقد المكروه مكروهًا كما يعتقد الحرام حرامًا وإن ارتكبه فهو يخاف الله ويرجوه والخوف والرجاء شعبتان من شعب الإيمان.
فكذلك مرتكب المكروه يرى أن الترك أولى في حقه من الفعل وأن نفسه الأمارة زينت له الدخول فيه ويود لو لم يفعل فلا يزال إذا تذكر منكسر القلب طامعًا في الإقلاع سواء عليه أخذ في أسباب الإقلاع أم لا.
ومرتكب أدنى البدع يكاد يكون على ضد هذه الأحوال فإنه يَعُدُ ما دخل فيه حسنًا بل يراه أولى مما حدَّ له الشارع فأين مع هذا خوفه أو رجاؤه؟ وهو يزعم أن طريقه أهدى سبيلًا ونحلته أولى بالاتباع؟ (١)
ويدل على أن البدعة لا تكون مكروهة تنزيهًا قوله ﷺ: (من رغب عن سنتي فليس مني) وقد جاء هذا القول النبوي ردًا على من قال من الصحابة: (أما أنا فأقوم الليل ولا أنام) وعلى من قال: (أما أنا فلا أتزوج النساء) وعلى من قال: (أما أنا أصوم الدهر ولا أفطر) وهذا قد ورد في حديث النفر الثلاثة الذين سألوا عن عبادة النبي ﷺ
الذي رواه البخاري ومسلم (٢). فأتى النبي ﷺ بهذه العبارة وهي أشد شيء في الإنكار ولم يكن ما التزم به هؤلاء الثلاثة من الصحابة إلا فعل مندوب أو ترك مندوب إلى فعل مندوب آخر.
ويدل على ذلك أيضًا ما جاء في الحديث أنه ﵊: (رأى رجلًا قائمًا في الشمس فقال: ما بال هذا؟ قالوا: نذر ألا يستظل ولا يتكلم ولا يجلس ويصوم،

(١) الاعتصام ٢/ ٥٦.
(٢) صحيح البخاري مع الفتح ١١/ ٥، صحيح مسلم مع شرح النووي ٣/ ٥٢٥.

1 / 79