Fitnada Weyn Qeybta Labaad: Cali iyo Caruurtiisa
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Noocyada
وكان ابن عباس قد ترك البصرة لزياد، فهم زياد أن يستجير ربيعة، ولكنه رأى من بعض أشرافها ترددا واعتلالا، فاستجار الأزد، وأجاره هؤلاء على أن يترك دار الإمارة ويتحول إلى رحالهم وينقل معه منبره وبيت المال، ففعل، وأصبحت البصرة وقد انقسم أهلها طوائف، طائفة مالت إلى معاوية وقامت دون رسوله ابن الحضرمي، وطائفة اعتزلت الفتنة مع الأحنف بن قيس، وطائفة جعلت تنتظر الأحداث وتترقب الخطوب على شيء من الفرقة في صفوفها، وهي ربيعة، وطائفة أخرى لم تحفل بأمر علي ولا بأمر عثمان ومعاوية وإنما حفلت بأمر أحسابها، وقامت دون جارها تحميه بعد أن لجأ إلى دورها، وعسى أن تكون قد وجدت على ابن الحضرمي ؛ لأنه نزل في بني تميم واعتمد عليهم، ولم ينزل عندها، وهي الأزد.
وكذلك ظهرت العصبية واضحة بشعة، وجعل جند البصرة يرعون قبائلهم أكثر مما يرعون السلطان، ويحفلون بأحسابهم أكثر مما يحفلون بالإمام، ويغضبون لهذه الأحساب أكثر مما يغضبون للدين، ويتنافسون فيما بينهم أيهم يكون أحسن من صاحبه بلاء في حماية جاره.
وكتب زياد إلى علي ينبئه بما وقع، فلم يمل علي إلى الحرب، وإنما أرسل إلى تميم رجلا منهم، هو أعين بن ضبيعة، ليرد عليهم بعض أحلامهم، فلم يكد أعين يناظر قومه حتى اختلفوا عليه وتفرقوا عنه، ثم بيتوه ذات ليلة فقتلوه، وأراد زياد أن يثأر له، وأن يناوش القوم، ولكن الأزد امتنعت عليه لأنها لم تحالفه على أن تكون حربا على من حارب وسلما لمن سالم، وإنما حالفته على أن تحميه وتحمي بيت المال.
وقد كتب زياد إلى علي ينبئه بما صار إليه أمر أعين بن ضبيعة، فدعا إليه تميميا آخر، هو جارية بن قدامة، فأرسله إلى قومه، ولكنه لم يرسله وحده هذه المرة وإنما أرسل معه بعض الجند، وقد وصل جارية بن قدامة إلى البصرة، فقال لزياد وسمع منه، وناظر قومه من بني تميم، فاستجاب له بعضهم وامتنع عليه بعضهم الآخر، فنهض بمن جاء معه من الكوفة ومن انضم إليه من أهل البصرة لقتال ابن الحضرمي، وما زال به وبأصحابه حتى اضطرهم إلى الهزيمة، وألجأ ابن الحضرمي وسبعين من أصحابه إلى دار من دور البصرة. وبعض المؤرخين يقول: إلى حصن قديم من حصون البصرة، فأنذرهم جارية وأعذر إليهم، ولكنهم أبوا وتهيئوا للحصار، وهنالك أمر جارية بن قدامة بالحطب فجمع، وأحيطت به الدار وأضرمت فيه النار، فاحترقت الدار بمن فيها، لم ينج منهم أحد. وتغنت العصبية الأزدية بهذا الفوز بعد أن عاد زياد وبيت المال إلى دار الإمارة، وبعد أن عاد المنبر إلى مكانه من المسجد الجامع، فقال قائل الأزد عمرو بن العرندس العودي يفخر بأحساب قومه، كما كان الشعراء يفعلون في الجاهلية:
رددنا زيادا إلى داره
وجار تميم دخانا ذهب
لحى الله قوما شووا جارهم
وللشاء بالدرهمين الشصب
ينادى الخناق وخمانها
قد سمطوا رأسه باللهب
Bog aan la aqoon