Fitnada Weyn Qeybta Labaad: Cali iyo Caruurtiisa
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Noocyada
وكان معروفا أن عائشة - رحمها الله - لم تكن تحب عليا ولا تهواه، بل كان معروفا أنها كانت تجد عليه موجدة شديدة منذ حديث الإفك حين أراد علي أن يواسي النبي
صلى الله عليه وسلم
فأشار عليه بأن يطلقها، وقال له: «إن النساء غيرها كثير.» وكان ذلك قبل أن ينزل الله براءتها في القرآن، فلم تنس لعلي قوله ذاك.
وكانت عائشة شخصية من أقوى الشخصيات التي عرفها تاريخ المسلمين في ذلك العهد، لم تكن رفيقة كأبيها وإنما كانت شديدة كعمر، على احتفاظ منها بكثير مما ورثت العرب عن جاهليتها، فكانت تحفظ الشعر وتكثر من حفظه وإنشاده والتمثل به، حتى إنها رأت أباها وهو يحتضر، فتمثلت قول الشاعر:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
وسمعها خليفة رسول الله أبوها، فقال لها كالمنكر عليها: «بخ بخ يا أم المؤمنين! هلا تلوت قول الله عز وجل:
وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد » وكانت من أشد نساء النبي إنكارا على عثمان، لم تتحرج أن تصيح به من وراء سترها - وهو على المنبر - حين عاب عبد الله بن مسعود، فأسرف في عيبه، ولم تكن تتحفظ من الاعتراض على كثير من أعمال عثمان ومن سيرة عماله، حتى ظن كثير من الناس أنها كانت من المحرضين على الثورة به. وكانت تنكر على علي - فيما أعتقد - أمرين آخرين: أحدهما لم يكن لعلي فيه خيرة؛ فقد تزوج فاطمة بنت رسول الله ورزق منها الحسن والحسين، فكان أبا الذرية الباقية للنبي، ولم يتح لها هي الولد من رسول الله، مع أنه قد أتيح لمارية القبطية أم إبراهيم في أواخر أيام النبي، فكان هذا العقم يؤذيها في نفسها بعض الشيء، ولا سيما وهي كانت أحب نساء النبي إلى النبي.
أما الأمر الآخر؛ فهو أن عليا قد تزوج أسماء الخثعمية بعد وفاة أبي بكر رحمه الله، وأسماء الخثعمية هي أم محمد بن أبي بكر الذي نشأ في حجر علي، فكانت عائشة تجد على علي لهذا كله.
وقد عادت إلى مكة مغاضبة حين عرفت أن أهل المدينة قد بايعوا له، فلما رجعت إلى مكة عمدت إلى الحجر فاتخذت فيه سترا، وجعل الناس يجتمعون إليها فتحدثهم من وراء الستر: تنكر قتل عثمان وتقول: «لقد غضبنا لكم من لسان عثمان وسوطه، وعاتبناه حتى أعتب وتاب إلى الله وقبل المسلمون منه، ثم ثار به جماعة من الغوغاء والأعراب فماصوه موص الثوب الرخيص حتى قتلوه، واستحلوا بقتله الدم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام.»
Bog aan la aqoon