Fisal Fi Milal
الفصل في الملل والأهواء والنحل
Daabacaha
مكتبة الخانجي
Goobta Daabacaadda
القاهرة
تدين بهَا فَإِنَّهُم ينسبون بنوةً لله إِلَى جَمِيع بني إِسْرَائِيل وهم أوسخ الْأُمَم وأرذلهم وكفرهم أوحش وجهلهم أفحش
فصل
ثمَّ ذكر أَن هَارُون ألْقى الْعَصَا بَين يَدي فِرْعَوْن وعبيده فَصَارَت حَيَّة فدعى فِرْعَوْن بالعلماء والسحرة وفعلوا بالرقى الْمصْرِيّ مثل ذَلِك وَلَكِن عَصا مُوسَى ازدرت عصيهم ثمَّ ذكر مُوسَى وَهَارُون فعلا مَا أَمرهمَا السَّيِّد فَرفع الْعَصَا وَضرب بهَا مَاء النَّهر بَين يَدي فِرْعَوْن وعبيده فَعَاد دَمًا وَمَات كل حوت فِيهِ ونتن النَّهر وَلم يجد المصريون سَبِيلا إِلَى الشّرْب مِنْهُ وَصَارَ المَاء فِي جَمِيع أَرض مصر دَمًا فَفعل مثل ذَلِك سحرة مصر برقاهم ثمَّ ذكر أَن هَارُون مد يَده على مياه مصر وَخرجت الضفادع مِنْهَا وغطت أَرض مصر فَفعل السَّحَرَة برقاهم مثل ذَلِك وَأَقْبلُوا بالضفادع على أَرض مصر ثمَّ ذكر أَن هَارُون مد يَده بالعصا وَضرب بهَا غُبَار الأَرْض فتخلق مِنْهَا بعوض فِي الْآدَمِيّين والأنعام وَعَاد جَمِيع الْغُبَار بعوضًا فِي جَمِيع أَرض مصر فَلم يفعل السَّحَرَة مثل ذَلِك برقاهم وراموا اختراع البعوض فَلم يقدروا عَلَيْهِ فَقَالَ السَّحَرَة لفرعون هَذَا من صنع الله
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ هَذِه الآبدة المصمئلة والصيلم المطبقة وَلَو صَحَّ هَذَا لبطلت نبوة مُوسَى ﵇ بل نبوة كل نَبِي وَلَو قدر السَّحَرَة على شيءٍ من جنس مَا يَأْتِي بِهِ النَّبِي لَكَانَ بَاب السَّحَرَة وَبَاب مدعي النُّبُوَّة وَاحِدًا وَلما انْتفع مُوسَى بازدراء عَصَاهُ لعصييهم وَلَا بعجزهم عَن البعوض وَقد قدرُوا على قلب العصي حيات وعَلى إِعَادَة المَاء دَمًا وعَلى الْمَجِيء بالضفادع وَلما كَانَ لمُوسَى ﵇ عَلَيْهِم بنبوته أَكثر من أَنه أعلم بذلك الْعَمَل مِنْهُم فَقَط وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ الكذابون الملعونون لَكَانَ فِرْعَوْن صَادِقا فِي قَوْله إِنَّه لكبيركم الَّذِي علمكُم السحر وَلَا مَنْفَعَة لَهُم فِي قَول السَّحَرَة فِي البعوض هَذَا صنع الله لِأَنَّهُ يُقَال لبني إِسْرَائِيل فعلى مُوجب قَول السَّحَرَة لم يكن من صنع الله قلب الْعَصَا حَيَّة وَالْمَاء دَمًا والمجيء بالضفادع بل من غير صنع الله وَهَذِه عَظِيمَة تقشعر مِنْهَا الْجُلُود أَيْن هَذَا الْإِفْك المفترى الْبَارِد من نور الْحق الباهر إِذْ يَقُول الله ﷿ ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كيد سَاحر﴾ وَإِذ يَقُول تَعَالَى ﴿وَجَاء السَّحَرَة فِرْعَوْن قَالُوا إِن لنا لأجرًا إِن كُنَّا نَحن الغالبين قَالَ نعم وَإِنَّكُمْ لمن المقربين قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تلقي وَإِمَّا أَن نَكُون نَحن الملقين قَالَ ألقوا فَلَمَّا ألقوا سحروا أعين النَّاس واسترهبوهم وجاؤوا بِسحر عَظِيم وأوحينا إِلَى مُوسَى أَن ألق عصاك فَإِذا هِيَ تلقف مَا يأفكون فَوَقع الْحق وَبَطل مَا كَانُوا يعْملُونَ فغلبوا هُنَالك وانقلبوا صاغرين وَأُلْقِي السَّحَرَة ساجدين قَالُوا آمنا بِرَبّ الْعَالمين رب مُوسَى وَهَارُون﴾ وَإِذ يَقُول تَعَالَى ﴿فَإِذا حبالهم وعصيهم يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى﴾ فَأخْبر ﷿ أَن الَّذِي عمل
1 / 119