Fiqh As-Seerah
فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة
Daabacaha
دار الفكر
Lambarka Daabacaadda
الخامسة والعشرون
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٦ هـ
Goobta Daabacaadda
دمشق
Noocyada
أما أبو بكر ﵁ فقد حدثه بعض المشركين عما يقوله الرسول، رجاء أن يستعظمه فلا يصدقه، فقال: «إن كان قال ذلك لقد صدق، إني لأصدقه على أبعد من ذلك» .
وفي صبيحة ليلة الإسراء جاء جبريل وعلم رسول الله ﷺ كيفية الصلاة وأوقاتها. وكان ﵇ قبل مشروعية الصلاة يصلي ركعتين صباحا ومثليهما مساء كما كان يفعل إبراهيم ﵇.
العبر والدلالات:
أولا- كلمة عن الرسول والمعجزات:
يولع بعض الباحثين بالمبالغة في تصوير حياة النبي ﷺ على أنها حياة بشرية عادية، وذلك من خلال الإطناب في بيان أن حياته ﷺ، لم تكن معقدة وراء الخوارق والمعجزات، بل كان منكرا لها غير عابئ بها ولا ملتفت إلى المطالبين بها، وأنه كان يؤكد دائما أن المعجزات والخوارق ليست من شأنه وليس له إليها سبيل، ويكثرون في هذا من الاستشهاد بمثل قوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ بحيث يخيل إلى القارئ أو السامع أن سيرته ﷺ كانت بعيدة كل البعد عن المعجزات والآيات التي يؤيد الله بها في العادة أنبياءه الصادقين.
وإذا أمعنا في منبع هذه النظرية عن رسول الله ﷺ، نجد أنها في الأصل فكرة بعض المستشرقين والباحثين الأجانب من أمثال غوستاف لوبون، وأوجست كونت، وهيوم، وجولد زيهر، وغيرهم. وأساس هذه النظرية عندهم وسببها، هو عدم الإيمان بخالق المعجزات أولا. ذلك لأن الإيمان بالله ﷿ إذا استقر في النفس، سهل الإيمان بكل شيء بعد ذلك ولم يبق شيء في الدنيا يستحق أن يسمى في الحقيقة معجزة.
ثم تلقف هذه النظرية منهم، أناس من المسلمين، كان من سوء حظ العالم الإسلامي، أن جندوا كل مساعيهم وعلومهم للتبشير بأفكار أولئك الأجانب دون أي مؤيد سوى الافتتان بزخرف خداعهم وانخطاف أبصارهم بمظهر النهضة العلمية التي هبت في أنحاء أوربا. وكان من هؤلاء المسلمين الشيخ محمد عبده، ومحمد فريد وجدي، وحسين هيكل..
ثم نظر محترفو التشكيك وأرباب الغزو الفكري، فوجدوا في هذا الذي يقوله بعض من المسلمين أنفسهم ما يفتح لهم آفاقا وميادين جديدة لغزوهم الفكري وتشكيك المسلمين بدينهم، يغنيهم عن وسيلتهم العتيقة.. وسيلة الحرب المباشرة للعقيدة الإسلامية وغرس الأفكار الإلحادية في الرؤوس.
فراحوا يروجون صفات معينة لرسول الله ﷺ كالبطولة والعبقرية والقيادة في عبارات من الإعجاب والإطراء، ويبالغون في الوقت ذاته في تصوير حياته العامة بعيدة عن كل ما لا يدركه
1 / 109