Fiqh al-Da'wah in Sahih al-Bukhari

Sa'id bin Wahf al-Qahtani d. 1440 AH
73

Fiqh al-Da'wah in Sahih al-Bukhari

فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري

Daabacaha

الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢١ هـ

Noocyada

ثانيا: عناية الإسلام بحقوق الإنسان: يظهر في هذا الحديث جليّا أن الإسلام حفظ حقوق الإِنسان واعتنى بها عناية فائقة، وهذا يبين أنه الدين الذي يصلح لكل زمان ومكان؛ فإنه تكفل بما يعود على الإِنسان المسلم بالسعادة في الدنيا والآخرة. ويؤخذ من هذا الحديث امتياز الإسلام وحفظه للحقوق الإِنسانية، وذلك لأمور: ١ - الإسلام أبطل نظام الجاهلية الذي ينقل مال الميت إلى الكبير من أبنائه، فإن لم يكن له أبناء فإلى أخيه أو عمه، فلا يورِّثون الصغار، ولا الإناث؛ بحجة أن هؤلاء لا يحمونهم، ولا يقاتلون معهم، ولا يحوزون المغانم (١) فجاء الإسلام يهدم عادات الجاهلية قال الله تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ [النساء: ٧] (٢) فحفظ الإسلام حقوق الناس ذكورا وإناثا، صغارا وكبارا، وأعطى كل ذي حق حقه، فعن أبي أمامة الباهلي ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول في خطبته عام حجة الوداع: «إن الله تعالى قد أَعطى كلَّ ذي حق حقه فلا وصية لوارث» (٣) فإذا كانت الجاهلية راعت الأقوياء وحرمت الضعفاء من الميراث، فكل الإسلام راعى هؤلاء الضعفاء؛ لأنهم أحق بالعطف، ولم يحرم الإسلام الأقوياء من الميراث، فكل من توفر فيه سبب من أسباب الإِرث، وانتفى عنه المانع ورث كبيرا كان أو صغيرا، ذكرا كان أم أنثى، قويا أم ضعيفا (٤). ٢ - الإسلام يقَوِّي أواصر القرابة بين الناس، ويحكم الصلة بينهم بصلة الرحم، كما قال تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٧٥] (٥)

(١) انظر: تفسير الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ٧/ ٥٩٧ - ٥٩٨. (٢) سورة النساء، الآية: ٧. (٣) الترمذي، كاب الوصايا، باب ما جاء لا وصية لوارث، ٤/ ٤٣٣، برقم ٢١٢٠، وابن ماجه، في كتاب الوصايا، باب لا وصية لوارث ٢/ ٩٠٥، برقم ٢٧١٣، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ٢/ ٢١٨. (٤) انظر: تفسير الطبري " جامع البيان عن تأويل آي القرآن ٧/ ٥٩٨، والتحقيقات المرضية في المباحث الفرضية، للدكتور صالح بن فوزان الفوزان ص ١٩. (٥) سورة الأنفال، الآية: ٧٥.

1 / 75