Fikir iyo Mubaadhin
فكر ومباحث
Daabacaha
مكتبة المنارة للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
Goobta Daabacaadda
مكة المكرمة
Noocyada
من مثل الحكومة الحاضرة، التي تستن في فارس سنَّة (هذا الآخر ...) في تركيا.
هذا هو فضل الفتح علينا وعلى الأجيال الآتية، أما فضله على العقل البشري فحسبك أن تعلم أنه لولا الفتح الإسلامي، ولولا علماء المسلمين وفلاسفتهم لم يكن عقل القرن العشرين.
أما في الحضارة والعمران؛ فللفتح الإسلامي أكبر الأثر في نشر الحضارة وتوطيد العمران، والعمران طبيعة في العربي المسلم، فلم يمض على فتح المسلمين بلاد العراق إلا سنوات حتى أسسوا مدينتين كبيرتين كان لهما الفضل والمنَّة على الحركة العلمية والأدبية في العالم كله. فضلًا عن أنهما كانتا قاعدتين حربيتين من أكبر القواعد الحربية؛ وما استقرت أقدامهم في البلاد حتى شرعوا في بناء المدن الكبيرة، والقصور العظيمة، وإنشاء أروع آثار البناء، حتى كانت بغداد وسرَّ من رأى، وكانت دمشق من قبل، والقاهرة ومدن الأندلس من بعد، أعجوبة في فن العمران، وها إن أثرًا صغيرًا من آثار العرب -ليس بأعظمها ولا أكبرها- لا يزال إلى اليوم محطَّ ركاب الرحال من أهل العلم ورجال الأدب، ولا يزال مصدرًا ماليًا لحكومة من كبار حكومات أوروبة تعيش إلى اليوم بفضل العرب، هي حكومة اسبانيا. ولقد حاول الإنكليز على قوتهم وغناهم -في هذا العصر الذي تيسرت فيه أسباب كل شيء- أن ينشئوا مثل «الحمراء» فأنشؤوا قصرًا في سيدنهام يعدّ من أعظم المباني العصرية وأجملها، ولا يزال دون الأصل بمراحل (١) فكيف بمن بنى الأصل في ذلك العصر الغابر؟.
وكيف لو بقيت «الزهراء» التي حيَّرت رُسُل الإفرنج، أو بقي «التاج» في بغداد، أو «دار الشجرة» التي أدهشت وفود الروم؟
...
(١) حضارة العرب، لأسعد داغر، ص ٢٥٦.
1 / 138