فأسرعت إلى باب البهو وصاحت: ذلك مستحيل!
ثم لما لم تجد صورة أمها وقفت وقالت: ماذا فعلوا بها؟!
وكانت تلك فرصة ينبغي انتهازها لإخبار الفتاة بواقع الأمر، إلا أن الإنكليزي لم يطاوعه قلبه على انتهاز تلك الفرصة، بل قال: لا جرم أن الصورة أصيبت بأضرار مدة غيابك الطويل فحملت إلى مكان آخر لإصلاحها. قالت: لا بد إذن أن يكون ذلك هو الواقع. ثم رأت صورة على موقدة فقالت: انظر إلى صورتي أنا منذ ثمانية أعوام وقد جيء بها من مندشوري.
وكانت قد عكفت على تقبيلها، ثم نظرت إليها وقالت: إني أقبل دموع والدتي.
فتأثر المستر دراك برغمه وأخذ يتنحنح ويسعل، فقالت له: إنك تأثرت لتذكري والدتي، فأنت طيب القلب يا مستر دراك.
فتظاهر بقسوة تمساح، وقال: أنا؟ وأي شيء يؤثر في؟ وهل يعنيني أمر والدتك وأنا لا أعرفها؟ وكانت بوليت قد تعودت على خلق دراك فلم تحفل باحتجاجه، بل قالت: أين الكتب التي كانت على هذا الخوان؟ وما هذا المنديل؟ لا شك أن أمي نسيته ها هنا.
وأمسكت المنديل وقربته إلى فمها لكنها سرعان ما رمت به في الحال، وقالت: ليست له الرائحة التي تعودتها أمي فما هذا بمنديلها، ولكن هنا حرفان عليه ليسا لها؛ لأنهما لا يدلان على اسمها.
ثم صاحت تقول: رباه! ما هذا التغير الحادث ها هنا؟ لا بد لي من معرفة السبب.
واتجهت إلى باب آخر للبهو، فقال لها المستر دراك: إلى أين تذهبين؟ أجابت: إلى غرفة والدتي؛ ففيها ولا شك أشياء تحدثني عنها، فانتظرني قليلا يا مستر دراك، وخرجت مسرعة، فقال: وا رحمتاه لها، إنها سريعة الانفعال، ومن حسن حظي أنني لم أتزوج ولم أرزق أولادا، فحياتي هادئة لا يعتريها أدنى اضطراب. ثم عادت بوليت وهي تترنح كأنها سكرى.
فقالت له بصوت المذبوح: إنني خائفة.
Bog aan la aqoon