فقال لها الكونت: ألا تتكلمين؟
وقالت لها والدتها وهي تنتحب: دافعي عن نفسك يا ابنتي، وأزيلي عنك وصمة الشك يا حبيبتي! فنظرت إلى والدتها مليا تتفرس في وجهها، ثم انثنت إلى زوجها وقالت بعزيمة: لك أن تفعل بي ما تشاء يا روجر، وأن تقتلني إذا شئت؛ لأن هذا حقك الذي تواضع الناس عليه، ولكنني لا أقول كلمة.
فأجابها بصوت يتهدج غضبا: ذاك لأنك مذنبة، ولأن هذا الرجل كان عشيقك، فاخرجي من بيتي، فإني أطردك منه الآن.
وقال أبوها: أما أنا فإنني أستنزل عليك لعنة الله!
ومد الشيخ يديه ورفع رأسه حين تلفظ بهذه الكلمات، فكان خصما وقاضيا وجلادا في وقت معا.
فصرخت المسكينة يأسا، وجعلت يديها على جبينها، ولبثت كذلك حينا، فلما رفعتهما كانت تتبسم ابتسامة غريبة، وقالت بسكينة تامة: إنه كان حبيبي فعلا، وظهرت عليها أمارات الجنون، فقد اضطرب عقلها لشدة جزعها حينئذ وظنت نفسها مجرمة حقا، إلا أن جنونها كان محصورا في موضع واحد، فكانت صامتة تقول بين فترات الوقت: «إنه كان حبيبي وعشيقي!»
ولما دعي قاضي التحقيق للتحري عن أسباب مقتل روبر وقفت بحضرته كشاهد وكانت خافضة الرأس، فقال لها قاضي التحقيق: هل تعترفين بعلاقات غرامية نشأت بينك وبين الرجل الذي قتله الكونت دي موري؟
أجابت: نعم، أعترف بذلك.
فأشار إليها بالانصراف، فمضت واضطجعت على فراشها، ولبثت وحيدة؛ لأن والديها خرجا من المنزل دون أن ينظرا إليها، حتى إن والدها أبى أن يسمح لزوجته بتقبيل ابنتها قبل خروجهما، وكانت إحدى الوصائف تعتني بلورانس، إلا أن هذه الوصيفة كانت جديدة في المنزل ولا تسعفها إلا قليلا، ولم يبق لها إلا صديق واحد هو الخادم الهندي ملطار.
وكان هذا الخادم - كما قلنا - مخلصا للكونت وزوجته كل الإخلاص، لا سيما وأنه ربى الفتاة بوليت ابنتهما، وكان صديقا للعائلة في زي خادمها الأمين. •••
Bog aan la aqoon