فتعجب المسيو سميث من طلبها، وأجابها أن جواهرها تقدر بأزيد من مائة ألف فرنك، ولكنه لا يستطيع دفع ذلك القدر من المال في الحال، وطلب إليها أن تمهله بضعة أيام بعد أن دفع لها ما عنده من النقود. فلم يسعها إلا إجابته إلى طلبه، وقالت له: والباقي بعد أربعة أيام.
وفي اليوم التالي ذهبت إلى الموعد المضروب في الكنيسة، فلقيها روبر وقال لها: جئت بالمال؟ أجابت: لا. قال: ومع ذلك فقد وعدتني به، ولعمري إنك أخطأت في إخلاف وعدك لي، ولكن ذلك لا ينفعك، وما لم أفعله منذ يومين سأفعله اليوم، وقبل انقضاء ساعة أكون عند أمك ...
قالت: بحقك لا ترفع صوتك! إنني لم أخلف وعدي إلا مضطرة، وحدثته بما كان من الجوهري، وتوسلت إليه أن يمهلها أربعة أيام، وبعد تردد قال لها: لا بأس، أنتظر ثلاثة أيام أخر، والاجتماع يكون في هذا المكان بعينه، ولكن إذا مضى هذا الموعد فلست أبالي أن أفضحك ووالدتك معا. فابتعدت عنه مسرعة، أما هو فخرج من الكنيسة بعد هنيهة.
الفصل الرابع
وفي ذلك المساء تعشى بعض الأصدقاء في بيت الأميرال دي لامارش، وكانت بينهم الدوقة دي لوقا وأخوها، فلما كانت الساعة الحادية عشرة بعد تناول الشاي، ذهب الضيوف، وكانت الدوقة دي لوقا تقيم في الطبقة الأولى من المنزل، فصعدت إليها وقالت لأخيها: اصعد معي، وكانت عادته أن يلحق بإخوانه من محبي الطرب، فقال لها: يوجد من ينتظرني. قالت: قلت لك اصعد؛ فلي كلام معك!
ومعلوم أن الأخت كانت الآمرة وهو المطيع، فصعد معها، فلما انفردا جعلت تتمشى في المخدع وهو جالس، فقال: الظاهر أن الأمور على غير ما تحبين يا أخية؟ فوقفت أمامه وقالت بغيظ وحنق: قضي الأمر، فما عدت أقيم ها هنا.
أجاب: لم أفهم مرادك.
قالت: إذن فاسمع ما دمت راغبا في معرفة الأسباب. فأنت تدري لماذا انتقلنا من المنزل الأول إلى هنا؟ أجاب: بلا شك؛ لأنني كنت صاحب هذه الفكرة، وكنت أنت عاشقة لحاكم بوندشيري، أي الكونت دي موري.
قالت: بل كنت مفتونة به، ومجنونة، ولا أزال!
قال: إذن فالوقح لا يحفل بهواك! فلم يهن عليها سماع هذا الكلام، وقالت: يا لك من بليد، فإن الكونت دي موري يشعر بمثل كلفي به؛ بل ربما كان أشد عشقا مني.
Bog aan la aqoon