فالتفتت مذعورة.. فما سمعت وقع قدميه وهو مقبل عليها ولا رأته، وإن كانت قد دارت بعينها فى المكان ونفضته قبل أن تنوى الرجوع إلى «الكشك». ولم يسألها الرجل شيئا ولم ينظر إليها بل انطرح على الرمل بثيابه الأنيقة بعد أن ألقى طربوشه فى السيارة، وراح يجرف الرمل بيده من خلف العجلة وقدامها.. ولما فرغ من ذلك ووسع للعجلة نهض ومشى مطرقا ينظر إلى الأرض كأنما يبحث عن شىء، ثم انحنى وتناول حجرا كبيرا ولوحا من «الصاج» وعاد بهما فوضع الحجر خلف العجلة واللوح أمامها وتحتها، ليكون دورانها عليه لا على الرمل. ثم نهض مرة أخرى، وقال: «أظن هذا يكفى.. فلنجرب على كل حال».
فقالت: «أشكرك.. لا أدرى ماذا كنت أصنع لو لم تنجدنى»؟
فأشار بيده، وقال: «أجلى الشكر حتى أستحقه.. إن العجلة المسكينة لا تزال غائصة، فلننقذها أولا».
ومضى إلى آخر السيارة، وقال: «أديرى المحرك وسيرى بها، وسأدفعها من الخلف».
ففعلت وخرجت السيارة ثم وقفت على مسافة أمتار، ونزلت منها جليلة متهللة الوجه فصاح بها: «لماذا وقفت.. هل حدث شىء»؟
قالت: «لا.. إنما جئت لأشكرك».
ففرك يديه ومد يمناه إليها، وقال: «آه صحيح.. صار الشكر الآن واجبا. أليس كذلك»؟
فضحكت وسرها منه أنه لا يبدو عليه أنه يريد شكرا، وأنه كان ينتظر منها أن تمضى عنه بلا كلام.
وقالت، وهى تبتسم له فى عينيه: «ألا تريد أن أشكرك»؟
فقال وهو ينفض الرمل عن ثيابه: «كلا.. إنه دين قديم أؤديه.. بعضه على الأقل».
Bog aan la aqoon