كان أديب جنديا من جنود الحرية، ومصر، والعروبة، ولما عطلت جريدة التجارة أسبوعين أول الأمر, دبج مقالا جاء فيه: "ولئن ساءنا أن جاءنا ذلك الإخطار بلوم، وعقاب أليم، لقد سرنا أن تكون الجرائد موضوعا للنظر، ومجالا للنقد، ولم نر في القصاص شيئا يستعين به اللائم، أو مصابا يعتضد به الشامت، فإن "التجارة" تحسب حب الوطن دينا والمدافعة عنه جهادا، فإن عاشت فهي سعيدة، وإن ماتت فهي شهيدة، ولقد آتاها الله النعمتين، وأتاح لها الحسنيين، فعاشت به، وماتت عليه، وستبعث بعد أسبوعين، رافلة في ثوب الشهادة، مزينة بحلى السعادة، على الرغم من أنوف حاسديها، الذين أولوا كلامنا إلى ما لم نقصد، وسعوا بها بما لم يخطر على قلوبنا، وحاولوا إطفاء نور الحق، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المبطلون1".
ولم يثنه تعطل جريدته ونزوحه إلى باريس عن غايته المثلى، وهي العمل على إيقاظ الشرق العربي، والدعوة للحرية، وطرد الأجانب من البلاد، وقد أعلن خطة جريدته "القاهرة" التي أصدرها بباريس, بقوله: "إني لا أقصد إلى الانتقام، وإنما أروم مقاومة الباطل ونصرة الحق، والمدافعة عن الشرق وآله، وعن الفضل ورجاله، فمسلكي أن أكشف حقائق الأمور، ملتزما جانب التصريح، متجافيا عن التعريض والتلميح، وأن أجلو مبادئ الحرية، وآراء ذوي النقد، ومقصدي أن أثير بقية الحمية الشرقية، وأهيج فضالة الدم العربي، وأرفع الغشاوة عن أعين الساذجين، وأحيي الغيرة في قلوب العارفين، ليعلم قومي أن لهم حقا مسلوبا فيلتمسوه، ومالا منهوبا فيطلبوه، وليخرجوا من خطة الخسف، وينبذوا عنهم كل مدلس يشتري بحقوقهم ثمنا قليلا، ويذيقوا الخائنين عذابا وبيلا، وليستصغروا الأنفس والنفائس في جنب حقوقهم، وليستميتوا في مجاهدة الذين يبيعون أبدانهم وأموالهم وأوطانهم وآلهم".
وأسلوب أديب أسلوب قوي متين، افتن في تدبيجه وانتقاء ألفاظه، وحلاه بالسجع على عادة كتاب ذلك الوقت، ولكنه ليس بالسجع السخيف المتعمد، ولكنه سجع قريب من سجع ابن العميد، والصاحب بن عباد، والصابي، لا من سجع الحريري والقاضي الفاضل.
Bogga 94