اصطحب "نابليون" معه كل عدد الاستعمار والاستغلال والإيقاظ, وكانت دهشة المصريين جد عظيمة مما رأوا من مظاهر هذه المدينة؛ إذ أنشأ نابليون مسرحا للتمثيل, كانوا يمثلون فيه رواية فرنسية كل عشر ليال، ومدارس لأولاد الفرنسيين, وجريدتين، ومصانع، ومعملا للورق، وأسس # مراصد فلكية، وأماكن للأبحاث الرياضية، والنقش والتصوير في حارة الناصرية، وأسس مكتبة عامة، وقد جمعت بعض كتبها من المساجد والأضرحة، وفيها كثير من الكتب الفرنسية التي أحضرتها الحملة معها ليفد إليها كل من يريد المطالعة، وكان القائمون بأمرها يرحبون بمن يدخلها من المصريين، وكان بها عدد كبير من الكتب العربية، وأنشأ المجمع العلمي المصري على نظام المجمع العلمي الفرنسي, في أغسطس سنة 1798، وكان من أغراضه:
1- نشر المدنية, وبعث العلوم والمعارف بمصر.
2- دراسة المسائل والأبحاث التاريخية والطبيعية والصناعية، ونشر هذه الأبحاث في مجلة المجمع التي تنشأ لهذا الغرض.
3- إبداء رأيه في الأمور التي تستشيره فيها الحكومة.
وكان المجمع يتألف من أربعة أقسام: قسم الرياضيات، وقسم الطبيعيات، وقسم الاقتصاد السياسي، وقسم الآداب والفنون ، ويتألف كل قسم من اثني عشر عضوا.
وقد أفاد هذا المجمع مصر والتاريخ بآثاره وأعمال رجاله, وصارت أبحاث أعضائه هي النواة الأولى لكل بحث خاص بمصر، ولا بدع إذا ظل المجمع العلمي هو الأثر الباقي حتى اليوم من آثار حملة نابليون، وذلك لجليل فائدته, وهذا ما دعا بعض المؤرخين إلى القول بأن حملة نابليون على مصر, كانت علمية أكثر منها حربية1:
وبذل الفرنسيون غاية جهدهم في تقريب المصريين إليهم، وترغيبهم في أسباب الحضارة، وفي الجبرتي وصف مستفيض لكل هذا، حتى موائد الفرنسيين، وكيف يأكلون ويشربون ويلبسون، وما شاهده من سائر أعمالهم العلمية والكيمائية، وكتبهم المصورة وأدواتهم، وهو يمثل بدهشته هذه حال كل عربي في أيامه.
Bogga 18