318

Fii Adabka Casriga ah

في الأدب الحديث

Noocyada

ويقول الأستاذ العقاد4: "ولقد كان عبد الله النديم خطيبا مطبوعا، ومحدثا ظريفا من الطراز الأول, كما شهد له عدوه وصديقه، وكان إذا كتب فكأنما # يرتجل الخطابة لسهولة منحاه وتدفق كلامه، وتناسق عباراته، إلا حين يكتب الخطب المنبرية, أو المقامات المصنوعة.. على أنك قد تقول ما بدا لك في شعر عبد الله نديم وفي خطبه وفي كتاباته وفي تحقيقه العلمي وملكاته الأدبية، ولكنك لا تستطيع أن تنكر عليه أنه كان أعجب نموذج من نماذج الشخصيات في تاريخ الأدب المصري الحديث".

أما نحن فقد أصدرنا حكمنا عليه في هذه الترجمة، ووفينا أدبه درسا، وبينا خصائصه كما ظهر لنا من آثاره القليلة التي أبقى عليها الزمان.# 4-

أحمد عرابي

:

إذا كان جمال الدين الأفغاني قد أثر في مصر بتعاليمه وفلسفته ووحي تجاربه التي أفادها من رحلاته الكثيرة، وإذا كان قد قصد إلى إيجاد قطر قوي من أقطار الإسلام يكون نواة لوحدة إسلامية كبرى، ويعيد للمسلمين سالف مجدهم وغابر عزهم، وإذا كان قد مهد للثورة العرابية, وهيأ النفوس لها؛ فإن

أحمد عرابي

لا يقل عنه خطرا ولا أثرا، وأغلب الظن أنهما لم يلتقيا، وإن اتفقا في كثير من الأمور, واختلفا في الغاية والوسيلة.

أما الغاية: فإن

أحمد عرابي

كان همه الأول تخليص المصريين من العذاب والذل والاستبداد والسخرة والاستغلال, واستصفاء مصر لأهلها ينعمون بخيرها وبرها، ويعيشون فيها أحرارا على قدم المساواة مع هؤلاء الذين شاءت الأقدار أن يكونوا حكاما لها، ولم يكن يهدف إلى تكوين وحدة إسلامية، بل لم يكن متعصبا تعصبا دينيا ألبتة، وأما الوسيلة: فإنه لجأ إلى عامة الشعب لا إلى الخاصة من المثقفين، ولم يكن يميل إلى العنف, وإنما اضطر إليه اضطرارا ردا للعدوان، ودفاعا عن الحقوق المهضمومة والنفوس المظلومة.

ولم يكن تلاميذ جمال الدين وعلى رأسهم محمد عبده, راضين عنه أول الأمر، بل كانوا ينظرون إليه بازدراء، ويعدونه زعيم غوغاء، وإن أرغمتهم الحوادث والشعور الوطني الجارف على أن ينضووا تحت لوائه، ويخوضوا معه غمار الثورة.

Bogga 339