266

Fii Adabka Casriga ah

في الأدب الحديث

Noocyada

وتصدى الشيخ محمد عبده بعد ذلك للتدريس بالأزهر، وأثار حوله ضجة كبيرة, فالشيخ عليش يهم بضربه؛ لأنه رجح مذهب المعتزلة في مسألة من مسائل على مذهب أهل السنة، وتراه يتحدى علماء الأزهر جميعا بإعطاء مائة جنيه لمن يبرهن على "أن الله واحد" وينظرهم إلى الغد، ويفتتح الدرس ويسأل الحضور -وقد توفادوا أفواجا- عن العالم الذي يريد مائة جنيه, ويقرر في حجج دامغة وحدانية الله، ويسود الصمت، وتضطرب القلوب، وتتقلب الأبصار مدة غير وجيزة, ثم يبدأ هذا العالم الصغير درسه غير تارك شبهة إلا وضحها, ولا حجة إلا أوردها، ولا عويصا إلا حله، فترك في بعض القلوب فرحة، وفي كثير من القلوب غصة.

وكان يخص بعض مريديه بدروس في منزله تختلف نوعا عن دروس الأزهر, فيدرس لهم "تهذيب الأخلاق" لابن مسكويه، ويقرأ لهم كتاب "التحفة الأدبية في تاريخ تمدين الممالك الأوربية" للمؤلف الفرنسي "جيزو" وقد عربه "حنين نعمة خوري".

ثم عين الشيخ محمد عبده في أواخر سنة 1878 مدرسا للتاريخ بدار العلوم؛ إذ توسط رياض باشا في هذا التعيين، ولم يدرس ملخصا من ابن الأثير أو الطبري أو ما شاكلهما من الكتب القديمة, ولكن عمد إلى "مقدمة ابن خلدون" يبسط في درسه آراء هذا النابغة في أصول المدنية والاجتماع، وألف كتابا في "علم الاجتماع والعمران" فقد ولم يعثر عليه1، وعين محمد عبده في نفس الوقت مدرسا للعلوم العربية بمدرسة الألسن، وكان همه -سواء كان في الأزهر أو دار العلوم أو الألسن- هو إيجاد نابتة من المصريين تحيي اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وتقوم عوج الحكومة"2:

Bogga 287