كنا نود انقلابا نستريح به ... حتى إذا تم ساءتنا مصايره
ويقول ذاما للثورة والثوار، ويحاول أن يتنصل من تبعاتها، وأن ما ناله كان بسبب ما دب بينهم من الشحناء، وأنهم غدورا به:
صبرت على ريب هذا الزمان ... ولولا المعاذير لم أصبر
فلا تحسبني جهلت الصواب ... ولكن هممت فلم أقدر
ثنت عزمتي ثورة المفسدين ... وغلت يدي فترة العسكر
وكنا جميعا فلما وقعت ... صبرت وغادرني مشعري
ولو أنني رمت أعناتهم ... لقلت مقالة مستبصر
ولكنني حين جد الخصام ... رجعت إلى كرم العنصر
وحاول البارودي أن يبرئ نفسه, ويعلل هزيمته, ويصف حنث الثوار في أيمانهم ومواثيقهم وتخاذلهم، ويتندم على زعامته:
دعوني إلى الجلى فقمت مبادرا ... وإني إلى أمثال تلك لسابق
فلما استمر الجد ساقوا حمولهم ... إلى حيث لم يبلغه حاد وسائق1
فلا رحم الله أمر أباع دينه ... بدنيا سواه، وهو للحق رامق
على أنني حذرتهم غب أمرهم ... وأنذرتهم لو كان يفقه مائق2
وقلت لهم كفوا عن الشر تغنموا ... فللشر يوم -لا محالة- ماحق
فظنوا بقولي غير ما في يقينه ... على أنني في كل ما قلت صادق
فتبا لهم من معشر ليس فيهم ... رشيد ولا منهم خليل يصادق
ظننت بهم خيرا فأبت بحسرة ... لها شجن بين الجوانح لاصق
فيا ليتني راجعت حلمي ولم أكن ... زعيما وعاقتني لذاك العوائق
ويا ليتني أصبحت في رأس شاهق ... ولم أر ما آلت إليه الوثائق
هم عرضوني للقنا، ثم أعرضوا ... سراعا، ولم يطرق من الشر طارق
وقد أقسموا ألا يزلوا فما بدا ... سنا الفجر، إلا والنساء طوالق # ثم يصف فزعهم وفرارهم من المعركة بقوله:
Bogga 211