Fii Adabka Casriga ah

Cumar Dasuqi d. 1400 AH
137

Fii Adabka Casriga ah

في الأدب الحديث

Noocyada

وسألت عن فلان وفلان، وهيان بن بيان، ممن ينتسب للعلم وأهله، ويتظاهر بشعار فضله، ولو كان العلم بلحية تعظم وتطول، وشوارب تحف وتستأصل، وعيون على ما بها من غمض ورمض تكحل، وعمامة تعظم حتى ترذل، وطيلسان يلف ويسدل، وكم يوسع ويسبل، وأحاديث خرافة تقص وتنقل، ومحفظة تفعم وتثقل، وسواك يظهر من العمامة نصفه، وكتاب يخرج من الجيب طرفه، ثم بتشدق في الكلام، وبتباله في المرام، وتعسف في الأفهام، وحرص على الحطام، ثم يقول الإنسان: حضرت درس فلان، وسمعت من لفظه باللسان، وقضيت في العلم كذا سنة من الزمان، فهم أعلم من أقلته الغبراء، وأفقه من أظلته الخضراء، وإن كان للعلم غير هذه الآلات، فما لهم سوى هذه الحالات, غاية الأمر أنهم قضوا أرذل العمر في كتب معدودة، وشروح موجودة، وهم يكررونها ولا يدرونها، ويقررونها ولا يحررونها، ويتداولونها ولا يعقلونها، ولو صرف حماري هذا العمر فيها، لأصبح فقيها، وأضحى نبيها، والذي يظهر مينهم وشينهم, وعلامة ما بيننا وبينهم, أن يؤمر أحدهم برقعة تكتب لحاجة معهودة، # ويمتحن بكتاب غير هذه الكتب المعدودة، فيه بعض كلام العرب وأشعارها، وشيء من وقائعها وأخبارها، فإن كتب فصيحا, وفهم مليحا، عرفنا أنه شم عرف العلم وذاق طعم الفهم، وسلمنا إليهم ما يدعون، وتركنا لهم ما يأتون وما يدعون، وإن ارتبك للرقبة، ووقف حمار الشيخ في العقبة، عرفنا حاله وقلنا له:

أيها المدعي سليمى سفاها ... لست منها ولا قلامة ظفر

إنما أنت من سليمى كواو ... ألحقت في الهجاء ظلما بعمرو

وقد مررت بالأمس على أحدهم في الدرس، يقرأ القطر لابن هشام، ويلحن لحن العوام، ومررت بالأمس بآخر يدرس الكافي في علمي العروض والقوافي يقرر له:

قف على دراهم وابكين ... بين أطلالها والدمن

فلا وربك ما أقام له وزنا، ولا عرف له معنى، مع سهولة مبناه وظهور معناه ... إلخ.

ومن هذا النثر المسجوع قوله يصف حديقة:

ثم خرجت إلى حجة حالية، أعدت فيها فرش عالية، وأدوات غالية، وسطعت بها روائح الطيب والغالية، وقد أكملت وجوه تحسينها، وأتمت أسباب تزيينها، وهي على حديقة ذات أفنان، وأنواع من الزهور وألوان، وثمرات حسان، وقد فاح الطيب من محاجر أزهارها، وصاح خطيب العندليب على منابر أشجارها:

رياض كديباج الخدود نواضر ... وماء كسالسال الرضاب برود

فجلست أجيل فيها الظر، أتأمل محسان الروض غب المطرن وأطالع ما رقمه الطل في صحائف الغدارن، وأرى خواتم الزهر حين تسقط من أنامل الأغصان:

Bogga 155