Faylasuufka Iyo Fanka Muusikada
الفيلسوف وفن الموسيقى
Noocyada
وللأناشيد الجريجورية أصول متعددة؛ فهي قد تطورت من الموسيقى الشرقية والعبرية واليونانية، ومن صورة سابقة عليها وأبسط منها هي الأناشيد الأمبروزية (نسبة إلى القديس أمبروز) ومن الأسباب التي تساق لتعليل ظهور الأناشيد الجريجورية أنها نشأت نتيجة شكاو متعددة تقدم بها رجال الإكليروس، من أن الموسيقى الكنسية تؤدى بطريقة غير صحيحة، وبانفعال مفرط. ويقال إن جريجوري قد جمع مختلف الأنواع التي تغنى في الكنائس، وصنفها وعدلها، ووضع - على ما يقال - ألحانا جديدة، ثم أصدر أمرا حدد فيه بدقة طريقة أداء كل جزء من الموسيقى وموقعها في شعائر الصلاة، وبذلك استن سنة أدت إلى تثبيت الطقوس الدينية بدقة مع تنويعها.
وتنقسم الأناشيد الجريجورية إلى ثلاث فئات من الألحان؛ المقطعية
syllabic ، والتطويلية
neumatic ، والتطريبية
melismatic ؛ ففي المجموعة الأولى كان كل مقطع من النص يطابق نغمة واحدة فحسب، وقد يحدث أحيانا أن يطابق مقطع واحد نغمتين أو ثلاثا، ولكن الألحان كانت على الدوام بسيطة في طابعها. أما في النوع التطويلي فكانت بعض المقاطع تستخدم لنغمة واحدة، ولكن العادة المتبعة كانت استخدام مقطع واحد لأداء مجموع من نغمتين أو ثلاث أنغام. وأما النوع الثالث وهو التطريبي، فكان أسلوبا مزركشا، يغنى فيه مقطع وحيد بطريقة زخرفية خالصة.
وكانت الألحان الجريجورية تبنى في البداية على نظام نغمي من أربعة مقامات. وعلى الرغم من أن أصل هذه المقامات يرجع إلى المقامات الشرقية والعبرانية، فقد سميت بالمقامات الكنسية لارتباط طابعها اللحني الخاص بالغناء الديني. وكانت المقامات الأربعة الأصلية تسمى بالمقامات الرئيسية، ولكن كان الأغلب تسميتها بالمقامات الأصلية
authentic . وعندما أضيفت إليها أربعة أخريات كان يطلق عليها اسم المقامات البلاجالية
plagal ، وقد استخدمها الملحنون لأصوت الرجال فحسب.
ولم يؤلف الموسيقيون الجريجوريون الأوائل موسيقى مبتكرة، وإنما كرسوا جهودهم لاقتباس الألحان القديمة أو أجزاء منها، ثم تعديلها بحيث تلائم جزءا معينا من الشعائر المنوعة؛ أي إن الجهود الفنية لهؤلاء الموسيقيين قد تركزت كلها في إعادة تعديل قالب الألحان القديمة وصياغتها من جديد. وقد بلغوا في هذا التنظيم قدرا كبيرا من البراعة، والدليل على ذلك تمكنهم من تنويع ذلك العدد المحدود من الألحان الذي كانت تبنى عليه الموسيقى الكنسية في العصور الوسطى، في قوالب عظيمة التباين. ولقد كان لدى الموسيقي الكنسي صبر لا ينفد استمده من حياة الرهبنة في الأديرة، وأتاح له ذلك أن يوجه أعظم عنايته لتحقيق توازن بين النص والموسيقى، بحيث لا يضحي بالنص، ولا تصبح الموسيقى جوفاء. وعندما يتكرر استخدام نص معين في أجزاء مختلفة من الشعائر، كان الملحن يمله بلحن مقابل يلائم وظيفته الجديدة. ولقد بلغ هؤلاء الملحنون من الإبداع في كتابة الألحان المنفردة ما جعل أعمالهم تظل مصدرا للإلهام الفني لكل من يكتبون الموسيقى.
وفي خلال القرون التالية ظهرت مقادير غير قليلة من الأناشيد التي تنتمي إلى النمط الجريجوري خارج روما، فبتوسع الكنيسة توسعت أناشيدها أيضا، وانتقلت هذه الأناشيد إلى إنجلترا في عهد مبكر جدا عن طريق المبعوثين البابويين «القاصدين الرسوليين»، وعملت أديرة كثيرة في أيرلندا بجهد لا يكل في سبيل تنمية هذا النوع من الموسيقى، وشجع شرلمان على قبولها في فرنسا وألمانيا؛ ذلك لأنه كان حاكما ذا عقلية عملية، سعى إلى بعث الوحدة بين جميع أرجاء مملكته، وكان حكيما في تشجيعه للأناشيد الكنسية حتى يستغلها بوصفها رباطا قويا للوحدة. ويقال إن الغاليين لم يستطيعوا تذوق الصفاء الجمالي لهذه الأناشيد؛ نظرا إلى جلافتهم الطبيعية، وأصروا على أن يضيفوا إلى الموسيقى الكنسية أجزاء من أغانيهم الخاصة التي لم تكن مستساغة.
Bog aan la aqoon