Faylasuufka Iyo Fanka Muusikada
الفيلسوف وفن الموسيقى
Noocyada
10
ولقد ذكرت الأنشودة الدينية
hymn
لأول مرة في تاريخ الموسيقى المسيحية، بعد القربان المقدس مباشرة، حين اشترك المسيح وحواريوه في أغنية. أما في العصر اليوناني فكانت هذه الأنشودة تمجيدا أو تقديسا لإله ما. وهذه بالضبط هي طبيعة أنشودتي أبولو اللتين تحدثنا عنهما في الفصل السابق. ولقد كان اليوناني ينظر إلى كل مدح أو شكر لآلهته على أنه أنشودة دينية، على شرط أن يتخذ صورة الغناء. وعندما انتقلت هذه الأنشودة إلى المسيحية، احتفظت بطبيعتها ذاتها، من حيث إنها أغنية تسبيح لله. وكانت نصوصها في الأساس أشعارا ليست مستمدة من المزامير.
ولقد كان القديس أمبروز (حوالي 340-397م) من الرواد في تطوير صورة الأنشودة الدينية. وليس في وسعنا أن نؤكد إن كان هو الذي ألف كل الأناشيد المنسوبة إليه، أم أنه اهتم قبل كل شيء بنشرها على نطاق شعبي، ولكن يكاد من المؤكد أن كثيرا من الأناشيد التي ألفت في عصره قد نسبت إليه بوصفها أمثلة لتلك الفترة، لا بوصفها من إبداعه هو ذاته. وقد أسهم آباء كثيرون للكنيسة، غير أمبروز، في تطويرها وفي جعلها مقبولة من حيث هي نوع من الأنواع الموسيقية، حتى أصبحت - في القرن الرابع ذاته - تعد أفضل من المزامير. وليس في وسعنا أيضا أن نحدد إن كان نفس الشخص هو الذي كان يكتب الموسيقى والنص الكلامي. وعلى أية حال، فإن بساطة الأنشودة الدينية جعلتها ملائمة للغناء الديني الجماعي. وربما كانت تكتب بأسلوب بسيط، حتى تستطيع المجموعة أداءها بسهولة. ولا جدال في أن سهولة تعلم الأنشودة الدينية كانت من أسباب ذيوعها إلى الحد الذي أصبحت فيه مقبولة ومستحبة في جميع أرجاء العالم المسيحي. على أن بعض الأسقفيات لم تكن تقبل الأنشودة الدينية، على أساس أنها لا ترضى بالتخلي عن نص المزامير حسبما جاء في «العهد القديم» في سبيل تأليف شعر دنيوي، هذا فضلا عن أن هذه الأشعار كانت تصاحبها ألحان بهيجة تعيد إلى الأذهان ذكرى الألحان الوثنية. ولعل هذا هو السبب الوحيد في أن الأنشودة الدينية لم تقبل ضمن الشعائر الدينية في روما إلا في القرن التاسع.
11
القسم الثاني: بويتيوس
Boethius
وصف أفلاطون خلق العالم في محاورة «طيماوس» بأنه بدا بأشكال هندسية، هي المثلثات المتساوية الساقين والقائمة الزوايا، وفسر حركات الأرض والنجوم تفسيرات رياضية معقدة. ولقد كانت هذه المحاورة هي التي تغلغلت في التفكير العقلي للعصور الوسطي؛ فقد كان للإحكام السحري للأعداد تأثير خلاب في نفس أوغسطين وغيره من آباء الكنيسة الأولين، وعن طريق الأعداد أمكن تفسير الموسيقى وملكة التذكر وخوالج النفس، بل إن الرب إنما خلق العالم بوضع الأعداد المناسبة معا. ولما كانت الأعداد ترمز إلى كل ما يعرفه الإنسان، فقد انتهى أوغسطين، كالفيثاغوريين وأفلاطون، إلى أن الموسيقى مبنية على قانون رياضي وتنظيم سليم. وإن صفات النظام والاتزان والجمال في العالم المادي لترجع جذورها إلى الأعداد، بل إن تركيب الكون بأسره مبني على علاقة رياضية منسجمة. وقد ظهر هذا التأثير الفيثاغوري والأفلاطوني في كتاب أوغسطين «في الموسيقى
De Musica » الذي يبحث أساسا في الوزن والشعر والنظريات المتعلقة بالأعداد؛ فالأبواب الخمسة الأولى من هذا البحث تتناول الإيقاع والوزن، أما الباب السادس فقد ناقش فيه أوغسطين النواحي الكونية واللاهوتية للموسيقى.
Bog aan la aqoon