Faylasuufka Iyo Fanka Muusikada
الفيلسوف وفن الموسيقى
Noocyada
28
ولقد أنبأنا أرسطوكسينوس
Aristoxenus ، تلميذ أرسطو، أن استخدام طريقة «التطهير» قد ظهر في الأصل لدى الفيثاغوريين، ولكن الواقع أن عادة استخدام الموسيقى في علاج المختلين عقليا ليست يونانية الأصل، وإنما اتبعت في الصين ومصر قبل أن يستخدمها الكهنة اليونانيون. وأغلب الظن أن أرسطو قد وسع هذه النظرية بعد أن لاحظ ما لبعض أنواع الموسيقى من تأثير في إحداث حالة نفسية أو نشوة دينية أو «أحوال» كما كان يسميها اليونانيون «وهو أمر نادرا ما يشاهد في هذا البلد، ولكن مقره الأصلي في الشرق». ولقد كان أولئك الذين يمرون بنوبات من الاختلال العقلي يعدون «مجذوبين» بالآلهة، فكان الكهنة يتولون معالجتهم. وكان الدواء من نفس نوع الداء؛ بمعنى أن أساسه هو تقديم موسيقى متشنجة لعلاج العقول المتشنجة؛ فالحركة الإيقاعية للنغم الموسيقي القلق العنيف، يمكن أن تؤثر في سامعها المعتل على نحو يكفل إعادة التوازن له. وفي الأدب اليوناني إشارات إلى حالات كان كهنة باخوس يجمعون فيها النساء ذوات العقول المختلة المضطربة، ويقتادونهن إلى المعبد للعلاج، وهناك يعزف الكهنة موسيقى المزامير الصاخبة التي تدفع النساء إلى الرقص، وكلما ازدادت الموسيقى عنفا ازداد الرقص تشنجا ، وعندما تخور قوى النساء يسقطن على الأرض في غيبوبة، وعندما يستيقظن تكون حالات الاختلال العقلي قد زالت، وتشفى النساء شفاء مؤقتا أو نهائيا.
29
كذلك ردد أرسطو آراء أفلاطون بشأن الطابع الأخلاقي للموسيقى؛ فقد كتب في «السياسة» يقول: «إن الألحان الخالصة هي بدورها محاكاة للخلق؛ ذلك لأن المقامات الموسيقية تختلف تماما الواحد عن الآخر، كما أن تأثيرها في سامعيها يختلف؛ فبعضها يجعل الناس في حزن وهم، كالمقام المسمى بالليدي المختلط، وبعضها الآخر يضعف الذهن، كالمقامات الرقيقة الناعمة، وغيرها يحدث مزاجا معتدلا مستقرا، وهو التأثير الذي يبدو أن المقام «الدوري» يتميز به، أما الفريجي فيوحي بالحماسة ... ومثل هذه المبادئ تنطبق على الإيقاعات؛ فبعضها له صفة السكون، وغيرها له صفة الحركة، ومن هذه الأخيرة ما يبعث حركة سوقية، ومنها ما يبعث حركة نبيلة ... فللموسيقى القدرة على تكوين الشخصية، ومن هنا كان من الواجب إدخالها في تعليم الصغار ... ويبدو أن فينا نوعا من التعاطف مع المقامات والإيقاعات الموسيقية، وهذا ما حدا ببعض الفلاسفة إلى القول إن النفس توافق، وغيرهم إلى القول بأنها تتصف بالتوافق.»
30
غير أن أرسطو اختلف مع أفلاطون في استبعاد هذا الأخير للمزامير، فكتب يقول: «إن سقراط «الجمهورية» مخطئ في اقتصاره على الاحتفاظ بالمقام الفريجي مع الدوري، لا سيما وهو يرفض استخدام الناي؛ ذلك لأن الفريجي بالنسبة إلى المقامات الأخرى بمثابة الناي بالنسبة إلى الآلات الموسيقية الأخرى كليهما عاطفي مثير. وهذا أمر يثبته الشعر؛ إذ إن الناي أقدر الآلات على التعبير عن الثورة التي تتمثل في رقصات باخوس، وغيرها من الانفعالات المماثلة، كما أن المقام الفريجي هو أصلح المقامات الموسيقية للتعبير عنها.
31
وأضاف أرسطو مواصلا بحثه للمقامات الموسيقية: «إن الناس جميعا متفقون على أن الموسيقى «الدورية» أكثر الأنواع جدية ورجولة. ولما كنا نقول بوجوب تجنب التطرف واتباع الوسط، ولما كان المقام الدوري وسطا بين المقامات الأخرى، فمن الواضح أن شبابنا يجب أن يعلموا الموسيقى الدورية.»
32
Bog aan la aqoon