Faylasuf Carab Wa Mucallim Thani
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
Noocyada
وحلوا واعقدوا من غير رد
عليكم وانطوى ذاك البساط
هذه الصورة التي ترينا شيخ الإسلام تقي الدين أبا العباس أحمد بن تيمية سجينا في قلعة دمشق نحو عامين لاتهامه في دينه من غير أن يرتفع صوته بالتوجع لشيخوخته المعذبة، أو بالإنكار على الظالمين، ثم ترينا فزع الناس حين فجأهم نعيه وتزاحمهم حول نعشه يصيحون بالبكاء ويلتمسون البركات، هذه الصورة هي أصدق مثال لاضطراب الأخلاق والعواطف في ذلك العصر المضطرب، عصر الحروب الصليبية في عواقبها، والغارات التترية في عنفوانها، عصر دولة المماليك البحرية في مصر والشام التي ابتدأ عهدها في منتصف القرن السابع الهجري.
نشأ أبو العباس أحمد بن تيمية في هذا العصر القلق ولقيته المحن منذ طفولته.
سيرته وفتاواه
ولد في حران غير بعيد من دمشق عاشر ربيع الأول سنة 661ه / 22 يناير سنة 1263 في بيت علم ودين. فأبوه شهاب الدين أبو أحمد عبد الحليم بن تيمية يقول فيه الذهبي: «وكان إماما محققا كثير الفنون وتوفي سنة 682»، وجده شيخ الإسلام مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن تيمية أحد الحفاظ الأعلام، قال الذهبي: «كان معدوم النظير في زمانه رأسا في الفقه وأصوله، وصنف التصانيف، واشتهر اسمه وبعد صيته»، وقال ابن رجب في طبقاته: «كان المجد يفتي أحيانا أن الطلاق الثلاث المجموعات إنما يقع منها واحدة فقط.»
توفي مجد الدين سنة 652، وتوفيت ابنة عمه زوجته بدره المكناة بأم البدر قبله بيوم واحد، وكانت من رواة الحديث. وفي بني تيمية غير أم البدر نساء محدثات.
وفي سنة 667 هاجر والد تقي الدين بن تيمية بجميع أهله إلى دمشق فرارا من جوار التتر، وقد خرجوا بليل وكانت كل ثروة هذه الأسرة المهاجرة محمولة معها على عجلة لعدم الدواب، وهي كتب كثيرة يشترك في الحرص عليها النساء والرجال.
وثقل الحمل على العجلة فغرزت في الرمل، وخاف القوم على زخرهم في الحياة أن يتبدد، فما زالوا يجاهدون حتى وصلوا إلى دمشق بكتبهم سالمين.
وفي دمشق تلقى ابن تيمية فنون العلم عن أبيه وغيره، ومن أساتذته زينب بنت مكي.
Bog aan la aqoon