146

Fayd Qadir

فيض القدير شرح الجامع الصغير

Daabacaha

المكتبة التجارية الكبرى

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1356 AH

Goobta Daabacaadda

مصر

٢٤٦ - (احذروا الدنيا) أي الاسترسال في شهواتها والانكباب على ملاذها واقتصروا منها على الكفاف (فإنها خضرة) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين أي حسنة المنظر مزينة في العيون آخذة بمجامع القلوب (حلوة) بالضم أي حلوة المذاق صعبة الفراق قال في المطامح فيه استعارة مجازية ومعجزة نبوية فخضرتها عبارة عن زهرتها وحسنها وحلاوتها كناية عن كونها محببة للنفوس مزينة للناظرين وهو إخبار عن غيب واقع فإن قلت إخباره عنها بخضرتها وحلاوتها يناقضه إخباره في عدة أخبار بقذارتها وأن الله جعل البول والغائط مثلا لها؟ قلت لا منافاة فإنها جيفة قذرة في مرأى البصائر وحلوة خضرة في مرأى الأبصار فذكر ثم أنها جيفة قذرة للتنفير وهنا كونها حلوة خضرة للتحذير فكأنه قال لا تغرنكم بحلاوتها وخضرتها فإن حلاوتها في الحقيقة مرارة وخضرتها يبس. فلله در كلام المصطفى ﷺ ما أبدعه
(حم في) كتاب (الزهد عن مصعب) بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح العين المهملة وبموحدة (ابن سعد مرسلا) وهو ابن أبي وقاص أبو زرارة بضم الزاي وفتح الراء الخفيفة الأولى المدني ثقة نزل الكوفة لم يرمز له المصنف بشيء
٢٤٧ - (احذروا الشهوة) هي كما قال الحراني نزوع النفس إلى محسوس محبوب لا يتمالك عنه وفي المصباح هي اشتياق النفس إلى الشيء (الخفية) قالوا يا رسول الله وما الشهوة الخفية قال (العالم يحب أن يجلس) بالبناء للمفعول أي يجلس الناس (إليه) فإن ذلك يبطل عمله لتفويته الاخلاص وتصحيح النية فليس الشأن حفظ العلم بل في صونه عما يفسده كالرياء والعجب والتعاظم بإظهار علمه وذلك سم وخيم وسهم من سهام الشيطان الرجيم أخرج العلائي في أماليه عن علي كرم الله وجهه سيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف علمهم عملهم وسرهم علنهم يجلسون حلقا حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى إن الرجل ليغضب على جليسه إذا جلس لغيره ويدعه أولئك لا تصعد أعمالهم إلى الله تعالى وقال كعب الأحبار سيكون في آخر الزمان علماء يتغايرون على العلم كما تتغاير النساء على الرجال يغضب أحدهم على جليسه إذا جالس غيره أو أخذ عنه أولئك الجبارون أعداء الرحمن وفي تاريخ ابن عساكر عن ابن عيينة أن ربيعة بكى فقيل ما يبكيك قال رياء حاضر وشهوة خفية والناس عند علمائهم كغلمان في حجور أمهاتهم إن أمروهم ائتمروا وإن نهوهم انتهوا. قال الغزالي هذا هو الانتكاس على أم الرأس وفاعله الذي يقوم في العرض الأكبر مع المجرمين ناكسا رأسه عند ربه انظر كيف انتهى أمر الذين يزعمون التقرب إلى الله تعالى بالعلم يبذلون المال والجاه ويتحملون أصناف الذل في خدمة السلاطين لاستطلاق الجرايات ويتوقع المعلم في نفس المتعلم أن ينقطع إليه ويقتصر عليه ويقوم معه في كل نائبة وينصر وليه ويعادي عدوه وينهض حمارا له في حاجاته مسخرا بين يديه في أوطاره ومهماته فإن قصر غضب عليه وعاداه فاخسئ بعالم يرضى لنفسه بهذه المرتبة ثم يفرح بها ثم لا يستحي أن يقول غرضي من التدريس نشر العلم تقربا إلى الله تعالى انتهى. فهذا حال زمن الغزالي فلو رأى زماننا هذا قال البيهقي فعلى هذا ينبغي للعالم أن يكون فعله لوجه الله تعالى لا يريد أن يزداد من الناس جاها أو على أقرانه استعلاء أو لأضداده أقماء وأن لا يريد أن يكثر الآخذون عنه وإذا حضروا وجدوا أكثر من الآخذين عن غيره وأن لا يكون علمه أظهر في الناس من علم غيره بل يقصد أداء الأمانة بنشر ما عنده وإحياء معالم الذين وصونها عن الدروس (تتمة) قال في الحكيم: ادفن وجودك في أرض الخمول فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه
(فر عن أبي هريرة) ولم يرمز له بشيء قال ⦗١٨٩⦘ ابن حجر وفيه إبراهيم بن محمد الأسلمي متروك

1 / 188