48

Fawatih Rahmut

فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت

Noocyada

Usulul Fiqh

(48) الفعل والترك حتى الكفر والشرك ومشايخنا لا يعرجون عليه ويقولون قد يظهر بعض ما يوجبه الكلام النفسى بالعقل بعد مضى مدة التأمل من حرمة الشرك ووجوب الإيمان كما قد مر فإن قيل فعلى ما ذكر كيف يصح الخلاف بين أهل السنة من أن الأصل الإباحة أو التحريم أجاب بقوله (وأما الخلاف المنقول بين أهل الحق أن أصل الأفعال الإباحة كما هو مختار أكثر الحنفية والشافعية أو) أصلها (الحظر كما ذهب إليه غيرهم وقال صدر الإسلام) الأصل (الإباحة في الأموال والحظر في الأنفس) فقتل النفس وقطع العضو وإيلامه بالضرب والتصرف على الفروج بقيت على الحرمة إلا ما خص منها بدليل كالقصاص والنكاح (فقبل) هذا الخلاف وقع (بعد الشرع بالأدلة السمعية أى دلت) تلك الأدلة (على أن ما لم يقم فيه دليل التحريم مأذون فيه) بدلالة دليل آخر كما عند أكثر الحنيفية والشافعية (أو ممنوع) عنه بدلالة دليل آخر كما عند غيرهم فلا ينافى هذا عدم الحرج قبل البعثة (وفيه ما فيه) إذ يظهر من تتبع كلامهم أن الخلاف قبل ورود الشرع ومن ثم لم يجعلوا رفع الإباحة الأصلية نسخا لعدم خطاب الشرع فتدبر كذا في الحاشية ولنقل في تقرير الحق فلنمهد مقدمة أولا هى أنه لم يمر على إنسان زمان لم يبعث إليه فيه الله رسولا مع دين لأن شرع آدم عليه السلام كان باقيا إلى مجئ نوح وشريعته إلى إبراهيم وكانت شريعته عامة للكل فمن انتسخت في حقه فقد قام شرع غيره مقامها كشرع موسى وعيسى في حق نبى إسرائيل وبقى في حق غيره كما كان إلى ورود شريعتنا الحقة الباقية إلى يوم القيامة ويدل عليه قوله تعالى وإن من أمة إلا خلا فيها نذير وقوله تعالى أيحسب الإنسان أن يترك سدى وإذا تمهد هذا فنقول فحينئذ لا يتأتى خلاف في زمان من أزمنة وجود الإنسان أصلا ولا يتأتى الحكم بالإباحة مطلقا ولا بالتحريم مطلقا كيف وفي كل زمان شريعة فيها تحريم بعض الأشياء وإيجابه وإباحته وغير ذلك فإذن ليس الخلاف إلا في زمان الفترة الذى اندرست فيه الشريعة بتقصير من قبلهم وحاصله أن الذين جاؤا بعد اندراس الشريعة وجهل الأحكام فإما جهلهم هذا يكون عذرا فيعامل مع الأفعال كلها معاملة المباح أعنى لا يؤاخذ بالفعل ولا بالترك كما في المباح وذهب إليه أكثر الحنفية والشافعية وسموه إباحة أصلية وهذا هو مراد الإمام فخر الإسلام بقوله

(49)

Bogga 76