ظاهرا وباطنا الموروث له من ربه المستخلف له فالقرآن خلق الله المنزل على نبيه من تخلق به فاز بما فاز. لذلك قال النبي ﷺ تخلقوا بأخلاق الله التي هي القرآن والفاتحة منتخبة من جميع القرآن على ابلغ وجه وأوضح بيان من تأمل فيها نال بما نال من جميع القرآن لذلك فرض قراءتها عند الميل والتوجه الى الذات الاحدية المعبر عنه بلسان الشرع بالصلوة التي هي معراج اهل الايمان كما قال ﷺ الصلاة معراج المؤمن وقال ايضا لا صلاة الا بفاتحة الكتاب فعليك ايها المصلى المتوجه الى الكعبة الحقيقية الحقية والقبلة الاصلية الاحدية الصمدية ان تواظب على الصلوات المفروضة المقربة إليها وتلازم الحكم والأسرار المودعة في تشريعها بحيث إذا أردت الميل الى جنابه والتوجه نحو بابه لا بد لك أولا من التوضى والتطهر من الخبائث الظاهرة والباطنة كلها والتخلي عن اللذات والشهوات برمتها بحيث يتيسر لك التحريمة بلا وسوسة شياطين الأهواء المضلة فإذا قلت مكبرا لله محرما على نفسك جميع حظوظك من دنياك (الله اكبر) لا بد لك ان تلاحظ معناه بانه الذات الأعظم الأكبر في ذاته لا بالنسبة الى الغير إذ لا غير معه وافعل هذا للصفة لا للتفضيل وتجعلها نصب عينك وعين مطلبك ومقصدك وإذا قلت متيمنا متبركا بسم الله انبعثت رغبتك نحوه ومحبتك اليه وإذا قلت الرّحمن استنشقت من النفس الرحمانى ما يعينك على الترقي نحو جنابه وإذا قلت الرّحيم استروحت من نفحات لطفه ونسمات رحمته وجئت بمقام الاستيناس معه سبحانه بتعديد نعمه على نفسك وإذا قلت مثنيا عليه شاكرا لنعمه الحمد لله توسلت بشكر نعمه اليه وإذا قلت رب العالمين تحققت بمقام التوحيد وانكشفت باحاطته وشموله سبحانه وتربيته على عموم الأكوان وإذا قلت الرّحمن رجوت من سعة رحمته وعموم اشفاقه ومرحمته وإذا قلت الرّحيم نجوت من العذاب الأليم الذي هو الالتفات الى غير الحق ووصلت اليه بعد ما فصلت عنه بل اتصلت وإذا قلت مالك يوم الدين قطعت سلسلة الأسباب مطلقا وتحققت بمقام الكشف والشهود فحينئذ ظهر لك ولاح عليك ما ظهر فلك ان تقول في تلك الحالة بلسان الجمع إياك نعبد بك مخاطبين لك وإياك نستعين بإعانتك مستعينين منك وإذا قلت اهدنا الصراط المستقيم تمكنت بمقام العبودية وإذا قلت صراط الذين أنعمت عليهم تحققت بمقام الجمع وإذا قلت غير المغضوب عليهم استوحشت عن سطوة سلطة صفاته الجلالية وإذا قلت ولا الضالين خفت من الرجوع بعد الوصول فإذا قلت مستجيبا راجيا آمين أمنت من الشيطان الرجيم فلك ان تصلى على الوجه الذي تلى حتى تكون لك صلاتك معراجا الى ذروة الذات الاحدية ومرقاة الى السماء السرمدية ومفتاحا للخزائن الازلية والابدية وذلك لا يتيسر الا بعد الموت الإرادي عن مقتضيات الأوصاف البشرية والتخلق بالأخلاق المرضية والخصائل السنية الإلهية ولا يحصل لك هذا عند الميل الا بالعزلة والفرار عن الناس المنهمكين في الغفلة والانقطاع عنهم وعن رسومهم وعاداتهم بالمرة والا فالطبيعة سارقة والأمراض سارية والنفوس آمرة بالهوى مائلة عن المولى عصمنا الله من شرورها وخلصنا من غرورها بمنه وجوده
[سورة البقرة]
فاتحة سورة البقرة
لا يخفى على السالكين المتدرجين في مسالك التحقيق المتعطشين بزلال التوحيد ان الطرق الى الله بعدد أنفاس الخلائق إذ ما من ذرة من ذرائر العالم الا وله طريق منها وأقوم الطرق وأحسنها وأوضح السبل وأبينها هو الذي اختاره الله سبحانه لحبيبه ﷺ ولورثته من الأولياء زاد الله فتوحهم في كتابه
1 / 19