يجب تأويلها على أَحَد هذين الأخيرين.
ولكن الكل ساقط:
- أمَّا الأول: فلأنه لو كان مِن خطاب الوضع، لَمْ يَأْثَم، والفَرْض أنه آثِمٌ.
- وأمَّا الثاني: فمثل ذلك مجازٌ لا يُعْدَل إليه إلَّا عند تَعَذُّر الحقيقة أو قيام دليلٍ على إرادته. ولا مانع مِن الحقيقة؛ فَوَجَبَ المصيرُ للحَمْل عليها.
- وأمَّا الثالث: فلأنه يَلْزَم أنَّ مَن به مبادئ [النَّشَاة] (^١) وله تمييزٌ، تَحْرُم عليه الصلاة. وهو باطلٌ، على أنَّ لفظ "الثَّمِل" ليس هو كما فَهِمَ مَن حَمَلَه على النشوان الذي فيه أوائل الطرب، فإنه خِلَاف قول أهل اللغة: إنَّ الثَّمل هو الطافح؛ ولذلك جاء في حديث حمزة في ذبح إبل علِيٍّ ﵄ قال: "وهل أنتم إلَّا عبيدٌ [لي] (^٢) "، فَعَرف النبي ﷺ أنه ثَمِلٌ (^٣).
نَعَم، في تكليف السكران إشكال مِن حيث إنه يَلْزَم أنْ يَكون مُكَلَّفًا بالعبادات كلها ومنها الصلاة، ومكلَّفًا بأنْ لا يُصَلِّي؛ لهذه الآية، وَهُمَا متنافيان.
قلتُ: ويمكن الجواب بأنه مَنْهِيٌّ عن قربان الصلاة وهو سكران، بل يزيل السُّكْر ويُصَلِّي، كما يُؤْمَر مَن هو مُحْدِث بإزالة الحَدَث ويُصَلِّي مع أنه مَنْهِيٌّ عن الصلاة حال حَدَثِه، فهو مَأْمُورٌ مَنْهِيٌّ باعتبارين. فإنْ كان إزالته ليست مقدورة له فهو معاقَب؛ تغليظًا عليه؛ لأنَّ التفريع على كَوْنه ليس غافِلًا وأنه يتعلق به الخطاب - غايتُه هنا أنْ يَكون مُكَلَّفًا بما لا يطيقه، فهو مِن جواز التكليف بالمُحَال، والله أعلم.
(^١) في (ص): النشأة.
(^٢) في (ت): لأبي.
(^٣) سنن أبي داود (٢٩٨٦) بلفظ: "قال حَمْزَةُ: وَهَلْ أَنْتُمْ إلا عَبِيدٌ لِأَبي؟ فَعَرَفَ رسول الله ﷺ أَنَّهُ ثَمِلٌ".
قال الألباني: صحيح. (صحيح أبي داود: ٢٩٨٦).