فيخرج بِـ "العاقل" المجنونُ بأنواعه، وكذا شبِيهُه، كالمغمى عليه؛ فإنه يشاركه في عَدَم الفَهْم وإنْ خالفه مِن وَجْهٍ آخَر؛ فلذلك قلتُ: (وَضَاهِي) أَيْ: [و] (^١) شابِهْ بذلك ما في معناه.
وخرج بِـ "الذاكِر" النائمُ والجاهلُ الذي لَمْ يَبْلُغه الخطاب، والساهي [ومِنه الناسي كما سبق] (^٢) الذي بَلَغَه ونسي، أَيْ: نَسِي كَوْن الذي فَعَله منهيًّا، أو نحو ذلك.
ويخرج أيضًا المُخْطِئُ، وهو اسم فاعِل مِن "أخطأ يُخْطِئُ أخطاءً"، خِلَاف العَمْد، فإنَّ غَيْر المُتَعَمِّد ليس ذاكِرًا. واسم المَصْدَر "الخَطَأ" بفتح الخاء والطاء، وأمَّا "خَطِئَ" بِكَسْر الطاء "يَخْطَأ" بفتحها (يوزن "عَلِمَ يَعْلَم") فمعناه: أَثِمَ، والمصدَر "الخِطْأ" بكسر الخاء وسكون الطاء، قال تعالى: ﴿إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: ٣١]، [أَيْ: إثمًا] (^٣)، ومنه قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾ [يوسف: ٩٧]. وقد يُطْلَق "الخاطِئ" بمعنى "المُخْطِئ"، وكثيرًا ما يَستعمل الغزالي ذلك في كُتُبه.
وبِـ "البالغ" يخرج الصبيُّ.
وهؤلاء يُعَبَّر عنهم في الأصول بِـ "الغافِل"، فيقال: هل يُكَلَّف الغافل؟ أَوْ لا؟
والتعبير بأنه: (هل يتعلق بِهِم الخطاب أو الحُكم غَيْر الوضعي؟) أَجْوَد؛ لأنَّ المباح لا تكليف فيه وإنْ كان حُكْمًا شرعيًّا (على الأصح فيهما)، والمندوب غَيْر مُكَلَّف به وإنْ كان مأمورًا به (على الراجِح)؛ بِناءً على أنَّ التكليف إلزامُ ما فيه كُلفة، لا طَلَب ما فيه كُلفة، خِلَافًا للقاضي.