إنذار وإعلام، وعند [الحدوث] (^١) اقتضاء و[إلزام] (^٢). وجَرَى على هذا القولِ الإمامُ وأتباعُه، ولَمْ يُعَرِّجُوا على ما قَبْله.
نَعَم، ضَعَّفه إمام الحرمين في "البرهان" بَعْد أنْ نَقَله عن أصحاب الشيخ بما معناه أنه يَلْزَم مِنْه تحصيل الحاصل، وأنه لا يرتضيه لِنَفْسه عاقِل.
المذهب الثاني: وحكاه القاضي عن القدرية (أَيْ المعتزلة)، أنَّ التعلق قَبْل الحدوث وينقطع عند الحدوث، ثم اختلفوا في مقدار زَمَن التقدم، فَقِيل: بِوَقتٍ واحد. والأكثرُ: بأوقات.
ثم اختلف هؤلاء: هل يشترط اجتماع شرائط التكليف في كل الأوقات؟ أو عند حدوث الفعل؟ وأمَّا قَبْله فالشرط كَوْنُ المخاطَب ممن يَفهم الخطاب.
ثم اختلفوا مِن وجْهٍ آخَر: هل يشترط أنْ يَكون فيما قَبْل الفعل بأوقات لطف ومصلحة [زائدٌ ذلك] (^٣) على التبليغ مِن المبلغ والقبول مِن المخاطَب؟ أوْ لَا؟ هذا معنى كلام القاضي، وهو أَثبت منقول.
واختار الإمامُ في "البرهان" مذهبَ المعتزلة أنَّ الأمرَ قَبْل الحدوث، لا بَعْدَه.
وقال الآمدي: (اتفق الناس على جواز التكليف بالفعل قبل حدوثه، سوى شذوذ مِن أصحابنا، وعلى امتناعه بَعْد حدوث الفعل. واختلفوا في جواز تَعَلُّقه في أول زمان حدوثه، فَأَثْبَته أصحابنا ونفاه المعتزلة) (^٤).