وقيل: "المعرفة" لا تَكون إلا بَعْد جَهْل، بِخِلَاف "العلم"؛ فَقَدْ يَكون بَعْد جهل (كقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [النحل: ٧٨]) وقد لا يَكون كذلك (كالعِلم القديم). نقله ابن إياز في "شرح الفصول" عن بعضهم، وكذا [النيلي] (^١) في شرح الحاجبية.
وَرُدَّ بأنَّ "المعرفة" تُطْلَق نِسْبتها إلى الله تعالى كالعِلْم.
وأُجِيبَ بأنَّ اشتراط سَبْق الجهل فيها إنما هو فيمن يُتَصَوَّرُ فيه الجهلُ، لا مُطْلَقًا.
وقيل: "العِلم" في الإنسان، و"المعرفة" تَكون في الناس وفي البهائم. قاله ابن القطاع.
وقيل: "المعرفة" فيما يَكون مشعورًا به بالحواس، و"العِلْم" في غير ذلك. حكاه ابن جني في خاطرياته عن الفارسي، ويدل له قوله تعالى: ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ [الرحمن: ٤١]، ومنه أيضًا قول الشاعر (^٢) وهو مِن أبيات سيبويه:
أَوَكُلَّمَا وَرَدَتْ عُكاظَ قبيلةٌ ... بَعَثُوا إلَىَّ عَريفَهم يَتَوَسَّمُ