لكن الدلالة لا تستلزم الوضع لإمكان أن يكون بالعقل كدلالة لفظ (ديز) المسموع من وراء الجدار على وجود اللافظ وأن تكون بالطبع كدلالة لفظ (أح أح) على وجع الصدر. فبعد ذكر الدلالة لا بد من ذكر الوضع كما في (المفصل) /4/أ" وهي " أي الكلمة: " اسم وفعل وحرف "، أي: منقسمة إلى هذه الأقسام الثلاثة ومنحصرة [1/ 172]
فيها " لأنها " أي الكلمة: لما كانت موضوعة لمعنى والوضع يستلزم الدلالة فهي " إما " من صفتها " أن تدل على معنى *كائن* في نفسها " أي: في نفس الكلمة.
والمراد بكون المعنى في نفسها أن تدل الكلمة عليه بنفسها من غير حاجة إلى انضمام كلمة أخرى إليها لاستقلاله بالمفهومية " أو " من صفتها أن " لا تدل " على معنى في نفسها بل تدل على معنى تحتاج في الدلالة عليه إلى انضمام كلمة أخرى إليها لعدم استقلاله بالمفهومية، وسيجيء تحقيق ذلك في بيان حد الاسم إن شاء الله تعالى.
القسم " الثاني ": وهو ما لا يدل على معنى في نفسها " الحرف " ك (من والى) فإنهما يحتاجان في الدلالة على معنييهما أعني: الابتداء والانتهاء إلى كلمة أخرى ك (البصرة والكوفة) في قولك: (سرت من البصرة إلى الكوفة). وإنما سمي هذا القسم حرفا، لأن الحرف في اللغة: الطرف وهو في طرف، أي: في جانب مقابل للاسم الفعل حيث يقعان عمدة في الكلام وهو لا يقع عمدة فيه كما سنعرف.
Bogga 162